جدول المحتويات
- 1 مقدمة عن العملات الرقمية المشفرة ( Cryptocurrencies )
- 2 تاريخ العملات الرقمية المشفرة
- 3 كيفية عمل العملات المشفرة ( كريبتو )
- 4 أشهر العملات المشفرة
- 5 وسائل الدفع والتجارة الإلكترونية
- 6 فوائد الكريبتو
- 7 تحديات ومخاطر العملات المشفرة
- 8 الأطر القانونية والتنظيمية
- 9 العملات الرقمية في الأسواق العربية
- 10 الاستثمار في العملات الرقمية
- 11 مستقبل العملات الرقمية
- 12 نصائح للمبتدئين في عالم العملات المشفرة ( كريبتو )
- 13 خلاصة واستنتاج
مقدمة عن العملات الرقمية المشفرة ( Cryptocurrencies )
في يومنا هذا أصبح يردد الكثيرون مصطلح العملات الرقمية المشفرة او الكريبتو، وظهر العديد من المشاهير يروجون إلى هذه العملات في الإعلانات، مشيرين إلى فوائدها، وكيف ساهمت في تضخيم ثروتهم؟ ويركزون على أنها واحدة من أفضل الطرق لتحقيق مكاسب طائلة في وقت قصير، مما أثار فضول الناس لاكتشاف هذه العملات والبحث عن طرق التعامل معها واستثمارها لعلها تكون السبب في تغيير حياتهم وحصولهم على المكاسب المرجو فيها، لذلك قمنا بإعداد هذه المقالة للجميع، كي نوضح فيها كل معلومة عن العملات الرقمية، كي يستفيد الجميع منها، وفيها سوف نوضح ما هي الخطوات المتبعة لاستثمار العملات الرقمية المشفرة؟ وما هي مخاطرها؟ وما السبيل لإدارة هذه المخاطر؟ الأحكام الشرعية المترتبة عليها وغيرها الكثير من الاستفسارات التي سوف نغطيها جميعاً في هذه المقالة.
تعريف العملات الرقمية المشفرة ( كريبتو )
العملات الرقمية المشفرة عبارة عن عملات ليس لها وجود في الحقيقة، إنما تواجدها الفعلي في الإنترنت، ومن أهم سمات هذه العملات اللامركزية، بمعنى أنه لا يوجد أي دولة أو أي حكومة تتحكم بها أو تحدد قيمتها، كما يمكن للأشخاص التعامل بها فيما بينهم بدون الحاجة إلى وسيط، بعكس العملات العادية التي غالباً ما يلجأ الناس إلى التعامل بها من خلال وسيط مثل البنك لاسيما في المبالغ الكبيرة. لكي يتم تأمين العملات الرقمية المشفرة تعمل بتقنية تُسمى بلوكشين (blockchain) وهذه التقنية، حيث يقوم المتعاملون بالعملات المشفرة بإرسال واستقبال العملات بشكل لا مركزي لا محدود، ويتم تسجيل جميع هذه المعاملات المالية بالتواريخ المحددة، ولا يمكن مسح أو إضافية أي معاملة، ولا يمكن تغيير أي تاريخ من تواريخ هذه المعاملات، مما يضمن الشفافية التامة، لذلك تُسمى العملات الرقمية بالعملات المشفرة أيضاً لأنها تخضع إلى تقنية البلوكشين أو سلسلة الكتل التي يتم وضع أي معاملة بها بصورة منظمة غير قابلة للتغيير. وعلى الرغم أن العملات الإلكترونية ليست عملة حقيقية ملموسة إلا أنها تستخدم في الشراء عبر الإنترنت، التداول والاستثمار، مما دفع فضول المهتمين إلى فهم طبيعة هذه العملات بشكل تفصيلي بصورة أكبر، وهذا ما سوف يتم توضيحه من خلال عرض النقاط الفارقة بين العملات الرقمية والعملات التقليدية في الفقرة القادمة.
الفرق بين العملات الرقمية المشفرة والعملات التقليدية
على الرغم من أن فكرة الكريبتو ( العملات المشفرة ) غريبة إلى حد ما، ويظل يدور حولها الكثير من الغموض، إلا أن هناك احتمالية كبيرة أن تصدر دول العالم عملاتها الرقمية بشكل رسمي، ومن أوائل الدول التي فكرت في هذا الطرح روسيا والهند، ولكي نفهم بصورة أوضح ما هي العملات الرقمية؟ يمكن عرض أهم الفروقات الأساسية بين العملات الرقمية والعملات التقليدية في ما يلي:
- الفرق الأول ببساطة مطلقة أن العملات التقليدية يتم إصدارها من البنوك، ومن يتحكم في قيمتها وسعرها هي حكومات الدول، لذلك المركزية هي من أهم سمات العملات التقليدية، ومن أمثلة العملات التقليدية الدولار الأمريكي، الجنيه الإسترليني، اليورو الأوروبي، اليوان الصيني، الين الياباني والروبية الهندية. أما بالنسبة إلى العملات الرقمية هي عبارة عن عملات غير ملموسة يتم تشفيرها من خلال تقنية البلوكشين، والعملات الرقمية لا تخضع إلى إدارة الحكومات ولا يتم إصدارها من البنوك المركزية للدول ومن أهم الأمثلة عليها البيتكوين، الإيثيريوم، الريبل واللايتكوين.
- الفرق الثاني أن وسيلة تأمين العملات التقليدية هي نظام الأمان الموجود في البنوك الذي يؤمنها، أما وسيلة الأمان للعملات المشفرة هي تقنية البلوكشين المعقدة، والتي لا يمكن الدخول في إعداداتها وتغيير أي معلومات بها بأي شكل من الأشكال.
- الفرق الثالث يكمن في شكل العملة نفسها، فَالعملات التقليدية تمتلك شكل فعلي ويمكن تبادلها يدوياً، أما العملات الرقمية ليس لها شكل ولا تواجد حقيقي، إنما تعتمد على التشفير.
- الفرق الرابع أن العملات التقليدية يتم تحويلها عبر البنوك وشركات المعاملات المالية، بينما تحويلات العملات الرقمية تتم عبر الإنترنت بسرعة فائقة للغاية دون تدخل أي وسيط مثل البنوك التي تعمل كوسيط في للعملات التقليدية.
- الفرق الخامس وهو مهم للغاية، ألا وهو أن العملات التقليدية مقبولة في أي تعاملات مالية في العالم وفي جميع معاملات البيع، الشراء والتداول أما العملات الرقمية لم تصل بعد إلى هذه الدرجة من القبول العالمي، مما جعل الكثيرون لا يقدمون على خطوة استثمارها وتداولها حتى التأكد من مدى فعالية هذه العملات استقرارها في السوق المالي.
- الفرق الأخير لن يختلف كثير عن الفرق السابق، حيث أن هناك الكثير من الدول تفرض قيوداً كبيرة على العملات الرقمية وربما تحظرها تماماً لأنها لا تخضع إلى قوانين صارمة عكس العملات التقليدية التي تخضع إلى قوانين صارمة من قبل الحكومات.
ويمكن تلخيص كل الفروقات السابقة في الجدول التالي بشكل أكثر وضوحاً.
نقطة الاختلاف من حيث: | العملات التقليدية | العملات الرقمية المشفرة |
الجهة المصدرة والرقابة | الجهة المصدرة هي البنوك، والجهة التي تخضع إليها هي البنوك | هي عملات لامركزية، لا تخضع لأي حكومة وما يحدد سعرها هو العرض والطلب. |
وسيلة التأمين | تعتمد على وسائل التأمين التقليدية للبنوك، وقد تخضع إلى التزوير | ما يؤمنها هي عملية التشفير بنظام البلوكشين المعقد الغير قابل للتزوير. |
شكل العملة | لها أشكال معينة ولها تواجد حقيقي ويمكن تبادلها بشكل يدوي. | ليس لها وجود حقيقي، وبالتالي ليس لها أشكال ولا يمكن تبادلها يدوياً. |
طريقة التحويل | عبر البنوك أو الشركات المالية. | عبر الإنترنت. |
القبول العالمي | مقبولة عالمياً في جميع المعاملات المالية في العالم. | مازالت إلى يومنا هذا غير مقبولة بشكل كامل في جميع المعاملات المالية الموجودة في العالم. |
القوانين والتنظيم | تخضع لقوانين صارمة من الحكومات، لذلك تعتبر مستقرة نسبياً. | لا تخضع إلى قوانين حكومات التدول، لذلك هي غير مستقرة نسبياً |
تطور العملات الرقمية عبر الزمن
أي حقيقة على أرض الواقع كانت فكرة في البداية، وأي خطوة لم تكن لتتحقق على أرض الواقع إلا إذا سبقها خطوات عديدة، مثل القمة التي لا يتم صعودها مرة واحدة بل لكي يصعدها شخص لا بد أن يصعد درجات، وهكذا العملات الرقمية المشفرة كانت فكرة في البداية، وربما لم تلقَ الاستحسان ونُظر إليها على أنها درب من دروب المستحيل، إلا أنها ظلت في التطور وأصبحت حقيقة ملموسة، ومن يعلم ربما تأخذ منحى آخر في قادم الأيام حتى يصبح لا غنى عنها مثل العملات التقليدية؟ وفي ما يلي نعرض مراحل تطور العملات الرقمية:
- 1998 إلى 2009: لم تكن البيتكوين هي أول فكرة للعملات الرقمية المشفرة، بل تم محاولات عديدة لتشفير عملات رقمية قبلها مثل B-Money و Bit Gold ، إلا أن المشروع وقف ولم يتم تطوير هذه العملات بشكل كامل لكي تصبح عملات رقمية معترف بها يمكن استثمارها وتداولها.
- 2008 إلى 2009: قام شخص مجهول الهوية بنشر بحث بعنوان bitcoin – a peer to peer electronic cash system ، وكان يناقش هذا البحث فكرة التشفير، وربما كان هذا البحث هو إنطلاقة أول عملة مشفرة في العالم.
- 2009 إلى 2010: أخيراً تم إطلاق عملة البيتكوين، أول عملة مشفرة في عام 2009، وتم عرضها على الجمهور وعرض مميزاتها ومدى أهميتها في السنوات القادمة، وفي عام 2010 حدثت أول معاملة بعملة البيتكوين، عندما دفع المبرمج لازلو هانيتش 10000 من عملة البيتكوين مقابل 2 بيتزا من بابا جونز، واليوم يصل قيمة 1 بيتكوين إلى حوالي 100000 دولار (مع وضع في الاعتبار أن قيمة العملات الرقمية متقلبة جداً وغير ثابتة، حيث تشهد ارتفاعات وانخفاضات مفاجئة)، يعني أن لازلو لو لم يشتري البيتزا لكان يملك اليوم ثروة طائلة. وعلى الرغم من ذلك صرح لازلو أنه كان يريد البيتزا في هذا الوقت، ويكفي أنه أول شخص سجل معاملة مالية مستخدماً عملة البيتكوين.
- 2019 : مهد فيسبوك إلى إطلاق عملة رقمية جديدة تحت اسم ليبرا، إلا أن المشروع واجه ضغوطات كبيرة قبل انطلاقه، وتصاعدت المخاوف بشأن هذا المشروع، وقيل أن عملة ليبرا سوف تؤثر سلباً على المعاملات المالية، لذلك أجل القائمون على المشروع انطلاق هذه العملة، وتم تغيير اسمها إلى ديم، ومع ذلك لم تخرج إلى النور حتى يومنا هذا.
- ظلت العملات الرقمية تتطور، وظهر العديد منها سوف نوضح كل عملة في الفقرات التالية.
تاريخ العملات الرقمية المشفرة
كانت هناك العديد من النظريات لإعداد أول عملة رقمية مشفرة ( Cryptocurrency ) ، وتمت العديد من المحاولات لإطلاق عملات رقمية قبل البيتكوين، لكن جميع هذه المحاولات لم تنجح، لأنه لم يوجد قوة مركزية تدعم هذه العملات، كما أن الفكرة في البداية كانت غريبة ولم تلقَ قبولاً في الأوساط المالية، وربما أهم مرحلة قبل إطلاق أول عملة رقمية بشكل ناجح، هي فترة الثمانينيات، عندما ابتدع ديفيد تشوم (عالم التشفير) مفهوم النقد الإلكتروني، وهو عبارة عن نظام قائم على التشفير كي يضمن الحماية والخصوصية. وفي التسعينيات ظهرت العديد من المشاريع التي حاولت إطلاق عمل رقمية، لكنها واجهت تقييدات قانونية والعديد من المصاعب الأمر الذي أدى إلى فشل هذه المشاريع.
في ذلك الوقت كانت العملات الرقمية فكرة صعبة التقبل، لأنه لا يوجد نظام تأمين حقيقي لها، كما لا يوجد أي جهات رقابية تخضع لها وتحدد أسعارها، لكن تم حل هذه الإشكالية عندما طرح شخص مجهول، أطلق على نفسه ساتوشي ناكاموتو بحث بعنوان ( Bitcoin: A Peer to peer Electronic cash system) ، وقد عرض هذا البحث تقنية البلوكشين، حيث يتم تسجيل أي معاملة مالية في شبكة لا مركزية، وبالتالي لا يمكن التلاعب في هذه الشبكة كونها غير مركزية. أدت هذه التقنية إلى تقبل الفكرة في الأوساط المالية، ونال الأمر تقبلاً واسعاً. حتى يومنا هذا لم يكشف صاحب الورقة البحثية عن هويته وظل مجهولاً إلى يومنا هذا.
إطلاق أول عملة رقمية مشفرة: البيتكوين
عندما ظهرت عملة البيتكوين (Bitcoin) أول مرة، كانت قيمتها زهيدة جداً أمام الدولار، وكانت حينها لا تجذب أي اهتمام، إلا مجموعة قليلة من هواة شراء العملات الرقمية، لكن مع الوقت استطاعت البيتكوين تحقيق إنجازات مهولة، حتى أصبح البتكوين يعادل 100 ألف دولار أمريكي في 2024، إنها قفزة هائلة في عالم الاستثمار، مع العلم أن بداية ظهور البيتكوين، كان 1 بيتكوين يعادل 0.0009 دولار أمريكي، وفي ما يلي سنعرض الإنطلاقة الأولى لعملة البتكوين، والخطوات التي تبعت هذه الانطلاقة:
- بعد أن نشر ناكاموتو ورقته البحثية، قام بتعدين أول مجموعة من عملة البيتكوين، وهنا بدأت تظهر الفكرة إلى النور، وتم التعدين في ذلك الوقت باستخدام أجهزة الكمبيوتر العادية.
- في عام 2009 قام الطالب الفنلندي مارتي مالي بشراء 414.65 روبية هندية مقابل 5050 عملة بيتكوين، وتعتبر هذه الواقعة أول معاملة مالية لعملة البيتكوين.
- لكن الحادثة الأشهر على الإطلاق في تاريخ العملات الرقمية، كانت في عام 2010 عندما اشترى المبرمج لازلو هانيش بيتزا مقابل 10000 عملة بيتكوين، آنها استشعر الناس أهمية تلك العملة، وأنه يمكن شراء سلعة حقيقية مقابل عملة رقمية مشفرة.
- تزايد الطلب على عملة البيتكوين، ما جعل الكثير من الشركات تقبل على تعدين عملة البيتكوين، وظهرت منصات مخصوصة لتداول العملات الرقمية مثل منصة Mt.Gox.
- بعد ذلك بدأت كبرى المؤسسات بقبول عملة البيتكوين كوسيلة للدفع مثل البايبال والمايكروسوفت.
- اعترفت العديد من الدول بالعملات الرقمية، ولكن مازالت بعض الدول تحظر التعامل بها مثل الصين.
- أثارت العملات الرقمية دهشة كبيرة في الأوساط المالية، عندما ارتفع سعرها إلى 20000 دولار مقابل البيتكوين الواحد.
- عندما حدثت هذه الطفرة في البيتكوين، استثمرت عدد من الشركات فيها مثل تسلا ومايكروسوفت.
تطور العملات الرقمية البديلة (Altcoins)
يقصد بالعملات الرقمية البديلة ( Altcoins)، جميع العملات الرقمية المشفرة ماعدا البيتكوين، وظهرت العملات البديلة كي تكون صورة مطورة من البيتكوين، مما يوسع من آفاق التكنولوجيا المستخدمة في البلوك تشين، حيث تم تحسين العديد من النقاط في البيتكوين، كما أنه تم تخصيص بعض العملات لاحتياجات معينة. على سبيل المثال تم إطلاق عملة إيثريوم كي تكون العملة الرسمية لتعاملات العقود الزكية. إذن يمكن القول أن العملات البديلة هي صورة مطورة من البيتكوين، حيث أنه تم تعزيز الأمان في العملات البديلة، وتم تحسين سرعة المعاملات فيها بصورة أوضح.
لم تظهر العملات البديلة في يوم وليلة، بل مرت بمجموعة من التطورات، كي تصبح على الأشكال التي هي عليها الآن، وفي ما يلي نعرض أهم المراحل التاريخية لتطوير العملات البديلة:
- في عام 2011 تم إطلاق عملة (لايتكوين)، كي تكون عملة رقمية بديلة لعملة (بيتكوين) أو حتى موازية لها في الأهمية، ومن أهم المميزات الإضافية الموجودة في عملة (لايتكوين) هي زيادة سرعة المعاملات المالية، وتشمل نقاط التحسين التي أضافها المطورون على العملات البديلة، زيادة كفاءة التعدين وسرعة التحويلات المالية.
- عام 2015 حدثت طفرة في عالم العملات الرقمية، عند ظهور الإثريوم، والتي تستخدم في العقود الذكية.
- ظهرت كذلك بعض العملات، التي توفر خصوصية تامة للمستخدمين مثل مونيرو و زي كاش، فعند استخدام هذه العملات يتم إخفاء هوية المستخدمين لضمان خصوصية أكبر.
- في الآونة الأخيرة ظهرت عملات رقمية صديقة للبيئة، حيث يتم تقليل استخدام الطاقة أثناء تعدينها، الأمر الذي يساعد على استدامة البيئة.
لقد أثرت العملات البديلة نظام البلوك تشين، وزادت الابتكارات والتنافسية في هذا العالم، ومن ذلك نفهم أن العالم الجديد مقبل على هذه العملات بشدة، وقد يتزايد عليها الطلب، حتى تغطي أهميتها على أهمية العملات التقليدية، وقد يتغير شكل العالم بأسره إذا تحققت هذه التوقعات على أرض الواقع.
كيفية عمل العملات المشفرة ( كريبتو )
تقنية البلوك تشين (Blockchain)
تخيل أن البلوك تشين عبارة عن سلسلة متتالية من الصناديق الزجاجية مُحكمة الغلق، باستخدام أقفال خاصة، وأن كل صندوق من هذه الصناديق يحتوي على معلومات شديدة الأهمية والحساسية، حيث يستطيع الناس الاطلاع على هذه المعاملات المالية الموجودة في الصندوق الزجاجي، دون المساس بها أو محاولة تغييرها بأي شكل من الأشكال، الأهم من هذا أن القفل لا يعمل إلا إذا تم إغلاق الصندوق السابق بقفل، حيث أن جميع الأقفال مرتبطة مع بعضها البعض وعملها يتوقف على إغلاق الصناديق السابقة بإحكام. هنا كل صندوق يمثل كتلة، ومحتويات الصندوق هي المعاملات المالية التي تتم في البلوك تشين، أما قفل كل صندوق هو التوقيع الرقمي الذي يتم في المعاملة المالية في البلوك تشين.
من التشبيه السابق نفهم أن سلسلة الصناديق هذه موجودة في طريق عام، الجميع يستطيع الاطلاع على محتواها، لكن لن يستطيع أحدهم كسر الصندوق أو محاولة تبديل محتوياته، وإن حدث هذا سوف يختل نظام الصناديق كلها، ولن تعمل أقفال الصناديق التالية، وهكذا البلوك تشين جميع المعاملات المالية به (المعلومات داخل الصندوق الزجاجي) متاحة في شبكة لا مركزية (الطريق العام)، الكل يستطيع الاطلاع عليها والتأكد من صحتها، لكن لا يستطيع أي شخص التلاعب بها، وإلا سوف يحدث خلل، مما يجعل التلاعب في هذه المعاملات، ومحاولة محوها أو تزويرها من سابع المستحيلات.
إذن البلوك تشين هي تقنية حديثة، فيها تتم المعاملات المالية على هيئة كتل، ويتم ربطها ببعض بطريقة آمنة ومشفرة، حيث يستطيع الجميع الاطلاع على المعاملات المالية، لكن لا يسمح لأحدهم أي محاولة في التلاعب في هذه المعاملات المالية، الأمر الذي يضمن الشفافية والمصداقية. إن هذه التقنية أحدثت طفرة كبيرة في المعاملات المالية، وعلى أساسها ظهرت أول عملة رقمية وهي البيتكوين، والتي تبعتها عملات رقمية أخرى مثل الإثيريوم، الريبل ولايتكوين.
لنفرض أنك قمت بمعاملة مالية على البلوك تشين، سوف يتم تسجيل هذه المعاملة على هيئة كتلة، ولكي يتم التأكد من صحة هذه المعاملة، يتم إرسالها عبر شبكة نظير إلى نظير، تلك الشبكة التي تتكون من عدة أجهزة كمبيوتر، حيث تعرف بالعقد، وإذا تم التأكد من المعلومات الموجودة في الكتلة، تلقائياً ستنضم إلى سلسلة الكتل السابقة.
لنفرض الآن أن هناك أحد المخترقين حاول أن يزور أحد المعاملات الموجودة في الكتلة، ما الذي سوف يحدث؟ حتماً وبكل بساطة سوف يختل نظام سلسلة الكتل، لأن جميعها سلسلة لا تنفصل، فضلاً عن أن محاولة التلاعب ستنكشف بسرعة فائقة نظراً إلى النظام المترابط الدقيق في البلوك تشين، ويبقى السؤال الأهم هنا؟ ما الذي نحتاجه كي نتعامل على بلوك تشين؟ الأمر بكل سهولة أن يمتلك المتعامل محفظة العملات الرقمية، ما سوف يمكنه من إجراء أي معاملات مالية تشمل البيع، الشراء، التداول، العقود الذكية وغيرها من معاملات مالية.
التعدين وآلية التحقق من العمليات
للوهلة الأولى توحي كلمة تعدين إلى عملية صناعة النقود المعدنية بشكل تقليدي، لكن في حقيقة الأمر ليس الأمر كذلك، فَمفهوم التعدين في عالم العملات الرقمية المشفرة أكثر تعقيداً من المفهوم التقليدي لتعدين العملات المعدنية، ولِفهم التعدين وآلية التحقق من العمليات، يمكننا ضرب المثال الآتي لتبسيط الصورة والبعد عن التعقيد.
لنفرض أنك أجريت معاملة مالية على البلوك تشين، سوف تُرسل هذه المعاملة عبر الشبكة اللا مركزية، ولن يتم ضمها إلى سلسلة الكتل إلا إذا تم التأكد من صحتها تماماً، وهنا يأتي دور المعدنين. في البداية سوف تُطرح مسألة رياضية معقدة، سيحاول المعدنون حل هذه المسألة المعقدة بمساعدة أجهزة حاسوب مخصصة، والذي ينجح في حل هذه المسألة سوف يرسل حله إلى باقي المعدنين، إذا اتفق جميعهم على حل المعدن، سوف يفوز في هذه المسابقة، وبالتالي ستنضم هذه المعاملة المالية بالإضافة إلى معلومات أخرى في كتلة معينة، ثم تتحد هذه الكتلة مع سلسلة الكتل السابقة التي أحتوت هي الأخرى على العديد من المعاملات المالية، والتي تم التأكد منها بنفس الطريقة، وهذا بعينه ما يعرف بسلسلة الكتل أو البلوك تشين. نلاحظ أن هذه العملية تضمن الشفافية والأمان، وتحفز المعدنين على الابتكار والإبداع في حل المسائل المعقدة.
لكن ماذا سوف يستفيد المعدن إذا نجح في حل المسألة المعقدة؟ الإجابة ببساطة أنه سيحصل على عملات رقمية بعدد محدود، بالإضافة إلى الرسوم التي يدفعها صاحب المعاملة المالية مقابل إتمام معاملاته. هذه البيئة تبدو مشجعة على التنافس والابتكار بين المعدنين، مما يشير إلى مستقبل منفتح في عالم العملات الرقمية في المستقبل القريب.
من المثال السابق نفهم أن التعدين؛ هي تلك العملية التي يحل فيها المعدنون معادلات معقدة، مستخدمين أجهزة حاسوب مخصصة أو قوية لهذه المعادلات، وحل هذه المعادلات هي وسيلة التحقق من صحة المعاملات المالية، ومن خلال التحقق من مجموعة من المعاملات المالية، تُضاف كتلة جديدة إلى سلسلة الكتل في البلوك تشين، وعلى أساس هذا أيضاً يحصل المعدن الفائز في حل المعادلة الحسابية على عدد محدود من العملات الرقمية تُضاف إلى حسابه.
المحافظ الرقمية وأنواعها
على اعتبار أنك قررت خوض تجربة التعامل مع العملات الرقمية، فأنت بحاجة إلى محفظة رقمية تمكنك من إتمام معاملاتك المالية بسلاسة، وتُعرف المحفظة الرقمية بأنها المكان الذي يحفظ عملاتك الرقمية ويديرها بكل جدارة، فمن خلال المحفظة الإلكترونية، تستطيع إرسال واستقبال العملات الرقمية، كما أنها أداة لعرض رصيدك الحالي، ووسيلة لإجراء مختلف المعاملات المالية.
قد تأخذ المحفظة الإلكترونية عدة أشكال تشمل برنامج على الحاسوب، تطبيق على الهواتف الذكية أو حتى موقع ويب. وهناك بعض المحافظ الإلكترونية تمكن أصحابها من تداول العملات الرقمية وتبادلها، ولإنشاء محفظة إلكترونية ستحتاج اختيار كلمة مرور قوية كفيلة بتأمين محفظتك.
لتقريب الصورة يمكن تشبيه المحفظة الإلكترونية بالحساب البنكي، الذي من خلاله تحفظ أموالك وتستعلم عن رصيدك، كما يمكنك إتمام معاملاتك المالية عن طريقه، الفرق الوحيد أنك في البنك تحفظ نقوداً حقيقية، تستطيع سحبها والتعامل معها يدوياً في أي وقت، أما في المحفظة الإلكترونية أنت تحتفظ بعملات رقمية غير ملموسة، لا تستطيع التعامل معها يدوياً. وربما التساؤل الذي جاء في ذهنك الآن؛ هل تفعل العملات الرقمية ما تفعله العملات الحقيقية؟ بمعنى آخر هل تشتري العملات الرقمية ما يمكن شرائه بالعملات الحقيقية؟ هذا ما سوف يتضح في ما يلي من فقرات.
إليك أشهر أنواع المحافظ الإلكترونية:
- محفظة البرمجيات، وهي ببساطة عبارة عن تطبيق على الهواتف الذكية أو برنامج على أجهزة الحواسيب، يقوم هذا التطبيق أو البرنامج بحفظ وإدارة العملات الرقمية. يمكن اعتبارها وسيلة آمنة إذا ما تم تأمين الجهاز جيداً.
- محفظة الأجهزة، وهي عبارة عن جهاز صغير يشبه USB، يتم توصيل هذا الجهاز بالحاسوب، وعليه يتم إجراء كل المعاملات المالية، وهذا الجهاز مصمم ضد الفيروسات والاختراقات واردة، لذلك هو أكثر نوع آماناً من بين أنواع المحافظ الإلكترونية المختلفة.
- محفظة الورق، وهي أقرب فكرة لـِ QR code ، حيث يتم طباعة مفاتيح الوصول على ورقة، ومن خلالها يتم الوصول إلى كافة المعلومات، وهي مؤمنة تماماً ضد الاختراق عبر وسائل الإنترنت، لكن مشكلتها الوحيد تكمن إذا تم فقدان الورقة أو تعرضها لأي ضرر.
- محفظة الويب، والتي يتم تسجيل المعلومات فيها عبر الخادم السحابي، ويمكن الوصول لها عن طريق أي جهاز متصل بالإنترنت، لكن عند اختيار محفظة الويب من الضروري للغاية اختيار موقع موثوق ليس عليه أي شوائب أو إشاعات.
أشهر العملات المشفرة
البيتكوين (Bitcoin):
تعتبر البيتكوين أشهر عملة رقمية مشفرة على الإطلاق، وهي كذلك أول عملة رقمية رسمية تم اعتمادها، ليمهد ظهورها إلى باقي العملات الرقمية، وبداية ظهرها كان على يد شخص مجهول أطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو، حيث قام هذا الشخص بنشر ورقة بحثية تشرح فكرة عملة البيتكوين، التي تعتمد على تقنية البلوك تشين، والتي تعتبر الانطلاقة الحقيقية للعملات الرقمية، لأنها ضمنت تأمين المعاملات المالية، التي تُجرى عن طريق هذه العملات، ولكي نفهم البيتكوين بصورة أعمق، يمكننا اختصار خصائصها في النقاط التالية:
- خاصية اللامركزية، حيث لا تتحكم بها أي حكومة مما يعطيها الأمان والشفافية.
- ندرة التواجد، فقد ذكرنا خلال الفقرات السابقة كيف تتم عملية تعدين البيتكوين؟ ووجدنا أن إطلاق عملة جديدة منها يحتاج إلى حل مسائل حسابية معقدة، هذا ما يجعل تواجدها محدود، حيث يوجد منها 21 مليون عملة فقط.
- الشفافية والأمان، فنجد أن كل معاملة مالية يتم وضعها في كتلة، وضمها إلى سلسلة الكتل، وتتم هذه العملية علناً أمام الجميع.
- سهولة التحويل، فمن السهل إرسالها واستقبالها عبر الإنترنت، ويتم هذا بسرعة فائقة.
- تقلب الأسعار، وهذه من ضمن عيوبها ومميزاتها في آنٍ واحد، فنجد أنه من الصعب توقع سعر البيتكوين لأنها سريعة التقلب، وإلى الآن لا يوجد دراسات وافية لفهم العوامل التي تحدد سعرها بالضبط.
إذا كنت حقاً تريد الدخول إلى هذا العالم الواسع، فيمكنك الحصول على عملة بيتكوين من خلال الوسائل التالية:
- التعدين: بمعنى أن تحل معادلات صعبة مستخدماً أجهزة حاسوب مخصصة لذلك.
- الشراء: بعض منصات التداول تعرض هذه العملة للبيع مثل Binance و Coinbase.
- بيع خدماتك أو منتجاتك مقابل عملة البيتكوين.
الإيثيريوم (Ethereum):
في عام 2015 تم إطلاق عملة الإيثيريوم من قبل فيتاليك بوتيرين، وتتميز هذه العملة عن البيتكوين، أنها ليست مجرد عملة للبيع والشراء، بل لها استخدامات أوسع من ذلك، فهي تعتبر العملة الرسمية التي يتم التعامل بها في العقود الذكية، الأمر الذي جعلها تنال شهرة واسعة في وقت قصير. وفي ما يلي عرض لأهم سمات عملة الإيثيريوم:
- هي العملة الرسمية في العقود الذكية، فعند تحقيق شروط معينة تعمل البرامج المخصصة لذلك بشكل تلقائي، ويكون المتعامل على هذه المواقع في غنى عن الوسطاء الماليين.
- مثلها مثل عملة البيتكوين، تتسم باللامركزية والأمان، فهي تعمل وفقا تقنية البلوكتشين، مما يجعلها لا تخضع لأي سلطة، مع الحفاظ على الشفافية أثناء التعامل.
- من ضمن عيوب عملة البيتكوين أنها تستهلك طاقة كبيرة أثناء عملية التعدين، وقد التفت مؤسسي عملة الإيثيريوم إلى هذا العيب وتغلبوا عليه في مشروعهم الجديد، فقد أطلقوا تحديثاً جديداً تحت اسم الإيثيريوم 2.0، في هذا التحديث تم تقليل استهلاك الطاقة، من خلال التحول من إثبات العمل (pow) إلى إثبات الحصة (pos).
- هناك العديد من التطبيقات التي تعمل على عملة الإيثيريوم مثل بعض الألعاب الإلكترونية.
ومن خلال المصادر التالية يمكن أن تحصل على الإيثيريوم:
- التعدين، مثلما تحدثنا عن الحصول على البيتكوين من خلال التعدين.
- الشراء من منصات التداول، مع العلم أن منصات التداول التي تبيع البيتكوين هي نفسها التي تبيع الإيثيريوم مثل binance و coinbase.
- استخدامها في التطبيقات والعقود الذكية.
الريبل (Ripple)
تختلف عملة الريبل في أنها ليست مجرد عملة رقمية مشفرة، بل تعتبر تطبيقاً عالمياً لدفع وتحويل المال، فقد قامت في الأساس على تسهيل التحويلات المالية بين المؤسسات المالية مع ضمان الأمان والسرعة، وتختلف عن تطبيقات التحويلات المالية العادية في أنها منخفضة التكاليف، وفي الآتي نعرض خصائص الريبل، والتي نستطيع القول أنها تفوقت على البيتكوين والإيثيريوم في بعض الجوانب:
- معاملات بسرعة البرق، فَالمعاملات المالية التي عن طريق الريبل تستغرق 5 ثوانٍ كحدٍ أقصى، على عكس البيتكوين التي يتم تحويلها من جهة إلى جهة خلال 10 دقائق أو ربما أكثر من ذلك.
- تكاليف لا تذكر مقارنةً بتطبيقات التحويلات المالية الأخرى أو العملات المشفرة.
- لا يمكن القول أن الريبل تتسم باللامركزية مثل البيتكوين والإيثيريوم، لأنها تعتمد على نخبة من مدققين موثوق فيهم.
- في يومنا هذا لجأت كبرى البنوك إلى الريبل لتسريع انتقال الأموال عبره، ومن أشهر البنوك التي تستخدم الريبل هو American Express
إليك طرق الحصول على الريبل:
- الحصول عليه من خلال منصات التداول الشهيرة.
- بعض الأنظمة المالية تقبل به كوسيلة دفع.
لايتكوين (Litecoin)
قام المهندس السابق في جوجل تشارلي لي بإنشاء عملة لايتكوين عام 2011 ، لا تختلف فكرتها عن البيتكوين، إلا أنها تتمتع بعدد أكبر من المميزات، يمكن عرضها في ما يلي من خصائص لعملة لايتكوين:
- تعتبر عملية التعدين في لايتكوين أسرع بكثير من بيتكوين، لأنها تطرح معادلات أسهل تستغرق حوالي 2.5، وهذه مدة أقل من المدة المطلوبة لحل معادلات بيتكوين، والتي تستغرق تقريباً 10 دقائق، كل هذا يجعل التحويل في لايتكوين أسرع من بيتكوين.
- تتسم لايتكوين بتكلفة تحويل أقل من بيتكوين، مما يجعلها خياراً أفضل لاسيما في التحويلات اليومية.
- يبلغ إجمالي عملة لايتكوين حوالي 84 مليون عملة، بينما يبلغ عدد عملة البيتكوين حوالي 21 مليون عملة.
يمكنك الحصول على لايتكوين من خلال الطرق التالية:
- التعدين.
- الشراء من منصات التداول العالمية.
- بعض المتاجر تقبلها كوسيلة دفع مقابل بعض المنتجات والخدمات.
من المهم أن نعرض مخاطر كل عملة والتحديات التي تواجهها من خلال الجدول الآتي:
العملة الرقمية | التحديات التي تواجهها |
بيتكوين |
|
الإيثيريوم |
|
الريبل |
|
لايتكوين |
|
وسائل الدفع والتجارة الإلكترونية
عندما نسمع عن العملات المشفرة، لعل أول سؤال يخطر على البال، ماذا نشتري بها؟ وهل يمكن أن تصبح وسيلة دفع رسمية في يوم من الأيام؟ لأن ما يعطي القيمة الحقيقية للأموال بالنسبة إلى أغلب الناس، هي قوتها الشرائية، ولكي نجيب عن هذين السؤالين، سوف نضرب المثال الآتي:
في عام 2022 صرحت Farfetch أنها ستقبل العملات الرقمية كوسيلة دفع، ولمن لا يعلم من هي Farfetch ، هي منصة فاخرة لِبيع الأزياء والإكسسوارات رفيعة المستوى، تم تأسيسها عام 2007 على يد رجل الأعمال جوزي نيفيز ، واليوم تتعاون Farfetch مع أشهر العلامات التجارية العالمية والمتاجر، التي يصل عددها إلى 700 متجر وعلامة تجارية، والمقر الرئيسي لها في لندن، فقد أصبحت اليوم هذه المنصة أحد أهم الرموز للترف والرفاهية، لذلك فإن إعلانها عن قبول العملات المشفرة كوسيلة دفع علامة فارقة في تاريخ العملات الرقمية.
وربما تتسائل الآن ماذا عن تقلب العملة؟ وما هو الضامن لهذه المتاجر بأن تصل لها أموالها دون اختلاس أو سرقات. والإجابة عن هذين السؤالين تتلخص في أن lunu تعاونت مع lunu وهي منصة مخصوصة للعملات المشفرة ، ويتم دفع العملات المشفرة عن طريق هذه المنصة بكل أمان، ويبقى هنا السؤال ماذا عن التغير السريع للعملات الرقمية؟ نجد أن منصة lunu تؤمن أعلى صرف للعملات الرقمية في ساعتها.
مما سبق يتضح أن التعامل بالعملات الرقمية وقبولها في التجارة الإلكترونية أصبح حقيقة لا مفر منها، ويعتبر هذا مؤشراً على مستقبل العملات الرقمية في التجارة الإلكترونية.
بشكل عام هناك العديد من المنصات التي تتيح دفع العملات المشفرة، ومنها من يتعامل بشكل مباشر مع المتاجر الإلكترونية مثل بوابات الدفع المشفرة كمنصة coingate التي توفر خيارات دفع متعددة، ويمكن الدفع أيضاً عن طريق المحافظ الرقمية، وهناك أيضاً بطاقات دفع مشفرة، حيث تسمح تتعامل مباشرةً مع المتاجر الإلكترونية، وتوفر الدفع المباشر لهذه المتاجر، كما أن العقود الذكية توفر عملية الدفع بطريقة فعالة وآمنة.
لكن يظل السؤال الأهم، في يومنا هذا من يقبل العملات المشفرة كوسيلة دفع؟ في ما يلي سنعرض أهم الجهات التي تقبل العملات المشفرة، مع العلم أن الأمر يختلف من دولة إلى أخرى، حيث أن هناك دول تقبل العملات المشفرة في جميع مؤسساتها، وعلى النقيض هناك دول تحظر التعامل معها تماماً، إليكم أهم الجهات التي تقبل بالعملات الرقمية كوسيلة دفع:
- مايكروسوفت، الذي يقبل عملة البيتكوين كوسيلة دفع عند بيع بعض الخدمات.
- ستاربكس، حيث يستخدم عملائه تطبيقات مخصصة للدفع بعملة البيتكوين.
- فيراري، والتي تمكنك من شراء سيارة فاخرة باستخدام البيتكوين أو الإيثيريوم.
ومع كل هذه الطفرات الهائلة يجب توخي الحذر عند التعامل بهذه العملات، لأنه مازال يدور عليها العديد من علامات الاستفهام، كما أن سعرها مقابل الدولار يتغير بشكل جنوني في ظرف يوم وليلة، وفي ما يلي يمكننا عرض أهم المخاطر عند استخدام العملات المشفرة كوسيلة دفع:
- مخاطر كبيرة بشأن تقلب العملة، والجدير بالذكر أن أسعار العملات المشفرة متقلب بصورة كبيرة.
- بعض الدول تحظر التعامل بالعملات المشفرة كالصين.
- لازال تقبل هذه العملات كوسيلة للدفع محدوداً للغاية.
الاستثمارات، التداول والمضاربة
في البداية علينا أن نفهم الفرق بين الاستثمار، التداول والمضاربة في العملات الرقمية المشفرة، مع العلم أننا إذا فهمنا الفرق بينهم في عالم العملات الرقمية، يمكننا أيضاً تطبيق هذه المفاهيم بشكل عام على الذهب، النفط، عقود الفروقات وغيرها من أصول تصلح للاستثمار، التداول والمضاربة.
الاستثمار في العملات المشفرة
ويعني الاستثمار في العملات المشفرة، شراء أياً منها بهدف جني أرباح بشرط أن يكون ذلك على المدى الطويل، ويقول خبراء الاقتصاد أن مدة الاستثمار يجب أن لا تقل عن العام، بينما يرى آخرون أن شراء عملة رقمية والاحتفاظ بها أقل من عامين لا يعد استثماراً حقيقياً، وسواء عام أو حتى عامين، يتفق علماء المال والاقتصاد أن الاستثمار يعتمد على طول مدة الاحتفاظ بالعملة أو بأي أصل مالي يراد الاستثمار فيه. ولفهم الاستثمار بطريقة أوسع يمكن النظر إلى شخصية المستثمر، حيث يتسم بالصبر وطول البال، ويعتبر الاستثمار في العملات الرقمية هو أكثر وسيلة تجني المال مقارنةً بتداول العملات الرقمية أو المضاربة فيها، كما أنها الأقل خطورة، لكن طبعاً هذا يعتمد على ذكاء المستثمر وحسن اختياره لأوقات الشراء. على سبيل المثال إذا قرر مستثمر ما شراء عملة البيتكوين، يجب أن ينتقي أوقات الشراء بعناية فائقة، أي تلك الأوقات التي يصل فيها سعر البيتكوين إلى أدنى قيمة مقابل الدولار، بمعنى آخر المستثمر يشبه التاجر في كثير من الجوانب، حيث يشتري بأرخص الأثمان ولا يبيع إلا بأغلاها، هنا فقط يمكننا القول أن هذا مستثمر ناجح في عالم الاقتصاد والمال.
هناك أيضاً اعتبار يجب النظر إليه عند الاستثمار في العملات المشفرة، ألا وهو نوع العملة التي سوف تستثمر فيها، مثلاً البيتكوين والإيثريوم دائماً ما تزيد أسعارها بشكل تصاعدي، أما باقي العملات لا تصمد في عملية الصعود، وعادةً ما تنهار قبل دورة كاملة، وهذا لا يعني أن الاستثمار بباقي العملات الرقمية أمر عديم الجدوى أو دائماً ما يسبب خسارة، بل أن الاستثمار بهم قد يجني أرباح، إذا باعهم المستثمر عند فترات الصعود ولم ينتظر عليهم دورة كاملة، وبعد ذلك يمكن للمستثمر أن يلتفت إلى مشاريع أخرى. على سبيل المثال إذا اشترى أحد المستثمرين عملة بيتكوين في عام 2020 مقابل 3000 دولار، يكون قد حقق أرباح بقدر 10000 في عام 2021.
تداول العملات المشفرة
نأتي الآن إلى تداول العملات المشفرة، والفرق بين استثمار العملات المشفرة وتداولها، أن التداول يتم في مدة زمنية قصيرة قد تتراوح بين الدقائق إلى سنة بأقصى حد، ويقوم متداولو العملات المشفرة بشراء العملة الرقمية ثم يبيعونها بعد مدة زمنية قصيرة لكسب الأموال. وفي يومنا هذا أصبح تداول العملات المشفرة مهنة رسمية قد تحتاج إلى دوام جزئي أو كلي، وكي يمتهن شخص ما هذه المهنة سوف يحتاج إلى لابتوب أو حتى موبايل فقط، مع أن يضع في اعتباره أن الأمر يحتاج إلى مجازفة، لذلك يجب أن يخطو خطواته بحذر وفقاً لدراسة تحليلية وافية.
وفي ما يلي أهم أنواع التداول، والتي تم تصنيفها على أساس المدة الزمنية التي يستغرقها المتداول:
- سكالبينج: وهو أقصر أنواع التداول على الإطلاق، حيث يترواح من بضعة ثواني إلى ثلاثة ساعات بحد أقصى.
- التداول اليومي: وهو تداول يتم إنهائه في جلسة واحدة، ولا تؤجل أي صفقات إلى اليوم التالي.
- التداول المتأرجح: وفيه تفتح الصفقة لأكثر من يوم، حتى أنها قد تمتد إلى عدة أشهر.
- التداول طويل المدى: وهذا النوع هو الأشبه بالاستثمار، فهو يمتد إلى عدة أشهر، لكنه لا يتجاوز السنة على أي حال.
وبصورة عامة، يحتاج المتداول أن يمتلك رأس مال ولو حتى بقدرٍ بسيط، ومن خلاله يستطيع تحقيق أرباحاً في وقت قصير، على أن يضع في اعتباره أيضاً أنه قد يخسر رأس ماله في غمضة عين، لذلك يُنصح أن يتداول المبتدئون بمبالغ قليلة، وأن يعتمدوا على دراسة تحليلية وافية عند أي قرار يتخذونه، سواء بالبيع أو الشراء.
المضاربة في العملات المشفرة
أما عن المضاربة في العملات المشفرة، فهي عملية مراهنات على أسعار العملات الرقمية، فيها يتوقع المضارب أسعار العملات، لكنه لا يمتلكها في الحقيقة، فإذا أصابت توقعاته كسب مقابلاً لذلك، وإذا خابت توقعاته خسر مزيداً من الأموال، وغالباً لا تتم المضاربة على أسس علمية، لذلك تحمل في طياتها مخاطرة كبيرة، فنجد أن الاقتصاديين لا ينصحوا بها في كثير من الأحوال، لاسيما إذا كان المضارب مبتدئاً ولا يمتلك الآليات السليمة لخوضه تجربة مثل تجربة المضاربة على العملات المشفرة. واليوم بات الإقبال على المضاربة في العملات الرقمية متصاعداً، لأنه قد يكسب المتداول ثروة حقيقية في غمضة عين، لاسيما مع استخدام الرافعة المالية وغيرها من وسائل الاقتراض، ومع ذلك قد يخسر المتداول رأس ماله كله إذا لم يحسب خطواته بتمعن.
التمويل اللامركزي (DeFi)
تخيل أن تتيح لك منصة الدخول إليها، وخلالها تستطيع اقتراض المبلغ الذي تريده، ويمكنك وضع عملات رقمية وكسب فوائد كبيرة عليها، كل ذلك دون الحاجة إلى أن تدخل معلومات شخصية عنك، وأن تمر بإجراءات تقليدية معقدة مثل ما يحدث في البنوك. كل هذا بعينه ما يحدث على DeFi، وهذا عن طريق العقود الذكية التي تعمل بتقنية البلوك تشين التي تطرقنا إليها بالتفصيل في الفقرات السابقة.
ولكي تدخل إلى هذه المنصة اللامركزية، سوف تحتاج إلى فتح محفظة رقمية مثل MetaMask، وبعد ذلك يمكنك التعامل على هذه المنصة بكل سهولة، وتداول العملات الرقمية أو استثمارها كما يحلو لك دون الحاجة إلى وسيط، فَالتداول هنا يتم عبر العقود الذكية وليس عن طريق وسيط مثل ما يحدث في البورصات المركزية كَ Binance.
وعبر هذه المنصة، يمكنك إيداع عملاتك الرقمية، والحصول على فوائد كبيرة مقابل هذا، كما يمكنك الاقتراض بضمان أصولك المالية من العملات الرقمية، وما يجعل الفائدة كبيرة هنا، أنك توفر سيولة على المنصة، لذلك من خلال إيداع العملات الرقمية يمكنك جني الكثير من الفوائد.
لا يمكن الجزم ما إذا كانت DeFi خياراً مثالياً للذين يتعاملون بالعملات الرقمية، لكن ما يمكن تأكيده أن استخدامها له مجموعة من المميزات، كما أنه محفوفاً بالمخاطر في نفس الوقت، ويمكن توضيح هذا من خلال الجدول الآتي:
مميزات DeFi | مخاطر DeFi |
لن تحتاج أكثر من شبكة إنترنت قوية، دون الخضوع إلى شروط معقدة وتفاصيل كثيرة. | تتذبذب أسعار العملات الرقمية بجنون، ما قد يجعلك تخسر أموالك كلها في ظرف يوم وليلة. |
تعمل DeFi من خلال تقنية البلوك تشين، ما يضمن شفافية المعاملات المالية وعدم خضوعها إلى أي تزوير أو تلاعب. | العقود الذكية ليست معصومة من الأخطاء البشرية، فقد تتعرض إلى الاختراق والسرقات، الأمر الذي يهدد أموالك بالضياع. |
تتسم باللامركزية، التي تضمن عدم سيطرة أحد على أموالك أو امتلاك الحق بتجميدها، على عكس ما يحدث في البنوك التي تخضع إلى سيادات معينة مثل الحكومات. | لا تخضع إلى أي قوانين أو سلطة معينة، لذلك إذا تعرضت أموالك للسرقات، لا يوجد جهة معينة ترجع لها كي تسترد أموالك. |
سوف تحصل على فوائد أكبر مقارنةً بفوائد البنوك. |
الرموز غير القابلة للاستبدال (NTFs)
هي بمثابة توثيق الملكية، لكن ليس بشكل تقليدي، إنما يتم توثيق الملكية على البلوك تشين، وحال ما تم توثيق الشيئ الذي تريده، لا يمكن تكرارها بأي حال من الأحوال، كما لن تستطيع استبدالها. ويعرف الرمز الغير قابل للاستبدال في الأوساط المالية بإسم (NTFs) ، وتجعلها عملية التوثيق فريدة من نوعها ذات طابع مميز لن يتكرر، وبعد ذلك يمكن بيعها بأغلى الأثمان وكسب مبالغ طائلة.
لابد وأنك تسأل ما الذي يمكن توثيق ملكيته على بلوك تشين وتحويله إلى (NTFs) ؟ والإجابة أنك تستطيع تحويل أي شيء رقمي إلى رمز غير قابل للاستبدال، قد تكون صورة ترى أنها تستحق هذا أو موسيقى فريدة من نوعها، وقد يستحق مقطع فيديو معين أن يتحول أيضاً إلى رمز غير قابل للاستبدال، حتى أن مقالة مثل هذه يمكن أن تتحول إلى ملكية خاصة لا يمكن استبدالها، ومن أشهر الأعمال التي تحولت إلى (NTFs) مجموعة cryptopunks
ولأن لكل شيء وجهان، يوجد العديد من المخاطر في (NTFs) ، يمكن عرضها في النقاط التالية:
- عدم ثبات الأسعار وتقلبها بشكل جذري، مثلاً يمكن لشخص ما أن يشتري (NTFs)، وبعد ذلك يفاجئ أن سعرها انخفض بصورة جنونية، مما يسبب له خسارة فادحة.
- هناك الكثير من الناس يتلاعبون ويبيعون أعمالاً رقمية هم لا يملكونها من الأساس.
- كثير من الناس يشترون هذه الأعمال للمتاجرة بها، والاستفادة من تضخم أسعارها دون الاستفادة منها بشكل مباشر، مما يضيع من قيمة العمل.
فوائد الكريبتو
السرعة واللامركزية
ذكرنا أن من أهم سمات العملات الرقمية المشفرة، هي صفة اللامركزية بمعنى؛ أنها لا تخضع لتحكم أي سلطة مثل الدول والحكومات، وفي المقابل تعتمد على تقنية البلوك تشين التي تحدثنا عنها في ما سلف من هذه المقالة، وعموماً توفر هذه الخاصية عدداً كبيراً من المميزات، إليك أهمها:
- إتمام جميع المعاملات المالية بدون وسطاء، وهذا يجعل جميع المعاملات المالية منخفضة التكاليف مقارنةً بالبنوك وجميع المؤسسات المالية الأخرى، كما أنه لا تُفرض أي قيود على التحويلات المالية.
- لا تتحكم أي جهة أو سلطة في سعر العملات الرقمية، مما يعطي حرية كبيرة لأصحاب هذه العملات، وتعاملات بلا حدود.
- جميع المعاملات التي تُجرى على بلوك تشين آمنة تماماً، وشبه مستحيل أن يتم التلاعب فيها، لأنها تخضع إلى تقنية البلوك تشين.
- من الصعب أن تفقد بعض العملات المشفرة قيمتها، لأن تواجدها في الأساس محدود، مثلاً يوجد 21 مليون عملة من البيتكوين، مما يجعل فقدان قيمة هذه العملة أمراً صعباً للغاية.
- يوفر النظام اللامركزي DeFi فرصة للإقراض والاقتراض دون الحاجة إلى وسيط يفرض عمولات كبيرة على المعاملات المالية، كما أن الفوائد التي يجنيها الممول على هذه المنصات كبيرة جداً مقارنةً بالفوائد التي تعطيها البنوك للممول.
التكلفة المنخفضة للتحويلات
من أكثر العوامل المشجعة للتعامل بالعملات الرقمية المشفرة، أن تحويلها يتم بسرعة كبيرة وبتكلفة منخفضة للغاية مقارنةً بالوسائل التقليدية، وهذا لعدة أسباب أهمها أن تحويلات العملات الرقمية لا تحتاج إلى وسيط يفرض رسوماً معينة على كل معاملة مالية، نجد مثلاً أن البنوك تفرض رسوماً تصل إلى 10% من قيمة المبلغ المُحول، فضلاً عن رسوم الصرف، مع العلم أن عملية التحويل أصلاً تستغرق وقتاً طويلاً للغاية، بينما تكاليف تحويلات العملات الرقمية تقل كثيراً عن تكاليف تحويل العملات التقليدية، كما أن هناك حرية كبيرة عند اختيار الشبكة التي تريد التحويل عبرها، ويمكن للجدول الآتي أن يوضح تكاليف التحويل لكل شبكة، ومهما زادت تكاليف تحويل الأموال في هذه الشبكات، تظل أقل بقليل من تكاليف البنوك:
الشبكة | تكاليف التحويل |
الإيثيريوم | عشرات الدولارات، ويزيد المبلغ عند الازدحام. |
سولانا | ما يقارب 0.01 دولار |
ستيلر | أقل من 0.001 دولار |
ريبل | سرعة عالية ورسوم منخفضة للغاية. |
بوليجون | 1 سنت. |
تحديات ومخاطر العملات المشفرة
إننا اليوم في أوائل عام 2025، تتزايد الأصوات بشأن تحقيق الثروة عن طريق العملات المشفرة، ربما تحلم أن تدخل هذا العالم من أوسع الأبواب، لاسيما أننا في عصر زادت متطلباته وأصبح حتمياً على الجميع تحقيق مكاسب لاستطاعة مواكبة هذه المتطلبات التي لا تنتهي، لعلك تسأل نفسك الآن، ما الذي ينقصني؟ ربما جرعة بسيطة من الجرأة قد تغير حياتك، لعل ما يزيد تفكيرك في الأمر أن البداية ليست بهذه الصعوبة، وربما تكون البداية أبسط بكثير من بداية طريقك نحو وظيفة روتينية لن يتعدى راتبها بعض الدولارات، فكل ما تحتاجه هو شبكة إنترنت، أما عن رأس المال فَتستطيع البدء بمبلغ زهيد، وربما تكون 100 دولار طريقك نحو المجد والثروة، حتى إذا كنت لا تملك رأس المال، هناك بعض المنصات التي يمكنها اقراضك أي مبلغ تريده. لكن مهلاً، هناك جانب ربما لم تفكر فيه، توجب علينا أن نغطيه قبل أن تقبل على الخطوة، إنها حتماً مخاطر العملات الرقمية، وهذا من منطلق الحرمان من المنافع أفضل من تذوق طعم الخسارة. إليك الآن أبرز مخاطر العملات الرقمية:
تقلب الأسعار
إن عدم ثبات عملة على سعر صرف ثابت أمر بديهي للغاية، فمثلاً سعر الدولار مقابل عملتك المحلية ليس ثابتاً بالضرورة، وربما يختلف بين فترة لأخرى، لكن نجد أن هذا الاختلاف طفيف للغاية وربما يكون على فترات متباعدة، هذا باستثناء الفترات التي تحدث بها أحداث سياسية مؤثرة للغاية أو ظروف خارجة عن المألوف سواء في بلدك أو العالم، ذلك سوف يؤدي إلى تغير كبير في سعر صرف العملات. إذن فالثابت أن التغير في سعر العملة ليس بالأمر الغريب، لكنه يخضع إلى عدة عوامل ثابتة، ولا يحدث انهيار أي عملة في يوم وليلة، وإذا حدث الانهيار فإنه حتماً نتيجة إلى حدث خطير.
أما في العملات الرقمية المشفرة فإن الأمر مختلف تماماً، حيث أن قيمتها تتغير بشكل جنوني، والثبات ليس أبداً من سماتها، وليس تغيرها الجذري يقع خلال أيام فقط، بل حتى خلال دقائق أو ثوانٍ، ويرجع السبب إلى هذا أنها عملات ناشئة حديثة، لا يوجد أساسيات ثابتة تدعمها أو تحافظ على سعرها ثابتاً نسبياً.
مثلاً في عام 2017 وصل سعرة عملة البيتكوين إلى 20000 دولار، ولعل وقتها رأى المستثمرون أنها فرصة لا تعوض، لكن كانت المفاجئة الصادمة عندما هبط البيتكوين إلى 7000 دولار في العام المقبل. إن هذا التذبذب جنوني بمعنى الكلمة، ولم تستطيع أي دراسات تحليل أسباب هذا التذبذب الكبير، على عكس ما يحدث في العملات التقليدية القوية مثل الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني.
انتبه أننا نتحدث عن أقوى العملات المشفرة على الإطلاق، وهي البيتكوين، فماذا عن العملات الأضعف منها؟ والتي لا يصمد سعرها في التصاعد لدورة كاملة، لابد أن تداولها أو استثمارها يحمل في طياته مخاطر أكبر.
المخاطر الأمنية والاختراقات
من الهام أن نضع في اعتبارنا أن تطبيقات التداول والاستثمار، هي تطبيقات من صنع البشر، لذلك من الوارد أن يوجد بها أي أخطاء أو أن تتعرض لأي هجمات قرصنة أو اختراقات، قد تؤدي إلى التأثير سلباً على العملات الرقمية بشكل مباشر. فمن الممكن أن يتعرض حاسوب المتداول إلى هجمات أو اختراقات تؤدي إلى سرقة المعلومات الموجودة على الحاسوب، وإحداث خلل كبير أثناء عملية التداول، وربما ضياع أمواله تماماً، وقد تكرر هذا الأمر كثيراً لاسيما عبر إرسال روابط إلى صاحب الحاسوب، إذا فتحها سوف يصبح حاسوبه عرضة للاختراق بكل سهولة.
حتى أن البلوك تشين معرضة إلى الهجوم والاختراقات، وإن كان هذا احتمالاً بعيداً نظراً لطريقة عمل البلوك تشين التي تحدثنا عنها سلفاً، ومع ذلك يبقى احتمالاً وارداً يجب الالتفات إليه، ولا يعني ذلك عدم خوض تجربة التعامل مع العملات الرقمية وتداولها أو استثمارها، لكن يجب أن يتم الأمر بحذر وأن لا يجازف المتداول بكل ما يملك في جهة معينة.
أيضاً يجب أن ينتبه المتداول إلى الوسطاء الماليين في معاملاته، وعند اختياره وسيط مالي معين يجب التأكد من سمعته، والتقييمات التي حصل عليها سلفاً، كما يجب على صاحب العملات الرقمية أن الكثير من المواقع الوسيطة لا تلزم نفسها بضمانات أو تعويضات في حال تضرر المستثمر أو المتداول أو تعرضه لأي مشكلة، لذلك توخي الحذر ضرورياً في هذه الأمور.
التحديات التنظيمية والقانونية
إلى يومنا يوجد الكثير من الدول لا تعترف بالعملات الرقمية المشفرة ( Crypto )، ومنها من يحظر التعامل بها تماماً، وقد اختلف المشرعين بشأن شرعية التعامل بالعملات الرقمية مثل بيتكوين، فمنهم من يرى أنها بحاجة إلى فرصة حقيقية لاقتحام حياتنا اليومية، لاسيما أن الكثير من رجال الأعمال يرونها المستقبل الصاعد في عالم المال والاقتصاد، بينما يراها البعض الآخر من المشرعين أنه لا يصلح أن يعترف بها القانون، ولا يجوز أن يكسبها أي شرعية، وعللوا ذلك بأن المجرمين يمكنهم تنفيذ أعمالهم باستخدام البيتكوين، والتي ليس على مالكيها أي رقابة، ولا تخضع منصاتها لأي قوانين كما أسلفنا بالذكر.
ويرى بعض علماء الشريعة الإسلامية، أنه لا يجوز التعامل بالعملات الرقمية المشفرة، لأنها تظل مجهولة المصدر، وتدور حولها العديد من علامات الاستفهام، وبعض العلماء أجازوا التعامل بها مع الالتزام بالضوابط الشرعية، واكتفى البعض الآخر بالامتناع عن الفتوى حتى تتضح جميع الأمور بخصوصها. وقد تحدثنا في مقالة سابقة بتوسع عن حكم التداول في الاسلام
الأطر القانونية والتنظيمية
موقف الدول من العملات الرقمية المشفرة
يمكن تقسيم موقف الدول العربية تجاه العملات الرقمية الشفرة إلى ثلاث مواقف رئيسة، منها الدعم والتأييد، ومنها الحظر بشكل تام، وهناك بعض الدول أخذت اتجاه عدم تحبيذ العملات الرقمية، وفي ما يلي نعرض هذه المواقف بشكل مفصل:
الدول التي أيدت استخدام الكريبتو، ووضعت تسهيلات قانونية لكل من يتعامل بها:
- الإمارات العربية المتحدة: مثل مواقف الإمارات التي دائماً ما تدعم الانفتاح الاقتصادي، وتوفر كل التسهيلات للمستثمرين، هكذا كان موقفها من العملات الرقمية، حيث تبنت العملات الرقمية بشكل واضح وصريح، وقامت بإنشاء هيئات خاصة ليتم التعامل بالعملات المشفرة بشكل قانوني مثل؛ سلطة دبي لتنظيم الأصول الإفتراضية، وتقوم هذه الهيئة بمراقبة عمليات تداول واستثمار العملات الافتراضية بشكل قانوني.
- البحرين: قام المشرعون في البحرين بإصدار بعض القوانين التي تسمح بالتعامل بالعملات الرقمية واستثمارها أو تداولها، لكن طبعاً في ظل إطار قانوني ومراقبة من الدولة.
دول منعت التعامل بالعملات الرقمية المشفرة تماماً:
- العراق: قد منعت تداول العملات الرقمية، من خلال أنه لا يوجد أي هيئات رسمية أو مكاتب تسمح بالتعامل مع هذه العملات، ومن يقوم بتداول هذه العملات داخل العراق يتعامل مع مكاتب خارج البلد، وهذا الأمر لا يشجع على تداولها أو استثمارها، لكل هذه القيود المفروضة.
- الجزائر: منعت بوضوح حيازة عملات مشفرة أو التعامل بها بأي شكل من الأشكال، من خلال اصدار قوانين مباشرة تمنع التعامل بها.
- المغرب: حذرت بشكل مباشر من استخدام العملات الرقمية، ووضحت المخاطر التي قد يتعرض إليها من يتعاملون بهذه العملات.
دول لا تحبذ التعامل مع العملات الرقمية المشفرة، وحذرت من مخاطرها:
- المملكة العربية السعودية: قام البنك المركزي السعودي بالتحذير من مخاطر التعامل بالعملات المشفرة، وعلل ذلك بأنها لا تخضع لأي رقابة.
- جمهورية مصر العربية: على نفس نهج السعودية، حذر البنك المركزي المصري من تداول العملات المشفرة والتعامل بها، لكنه في المقابل يدرس بدائل لإطلاق عملة مشفرة جديدة تخضع إلى رقابة معينة، وبالتالي يستطيع الجميع التعامل بها بأريحية، وعدم تخوف من أي قرصنة أو اختراقات.
القوانين والتشريعات حول العالم
يمكن للجدول الآتي تلخيص القوانين والتشريعات حول العالم:
الدولة | التشريعات بخصوص العملات المشفرة |
الولايات المتحدة الأمريكية | تم إصدار قانونين بخصوص العملات المشفرة وهما؛ قانون الابتكار المالي والتكنولوجيا وقانون منظم لسلسلة الكتل (blockchain)، وتهدف هذه القوانين إلى وضع العملات المشفرة في إطار شرعي، وتفصل الحالات التي تعتبر فيها العملات الرقمية بمثابة سلعة أو ضمان. |
دول الاتحاد الأوروبي |
|
قارة آسيا |
|
البرازيل |
|
المملكة المتحدة |
|
التنظيم المالي ومستقبل العملات الرقمية المشفرة
لعل الكثير من المستثمرين، لم يدخلوا إلى عالم العملات المشفرة حتى الآن، لأن منصات التعامل بها لا تخضع إلى قوانين ضابطة وليس عليها أي رقابة، لكن مع فرض هذه العملات نفسها على الأوساط المالية، أصبح حتمياً على الدول فرض بعض القوانين على هذه العملات المشفرة للحد من مخاطرها، وفي النقاط التالية نعرض دور التنظيم المالي في الرقابة على العملات المشفرة:
- هناك العديد من الدول، التي فرضت قوانين على استخدام العملات المشفرة، ووضعت هذه القوانين كي تنظم عملية التعدين والتداول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، البرازيل، الإمارات العربية المتحدة .. إلخ.
- سلكت بعض الدول طريقاً، فيه تفرض ضرائب على الأرباح الناتجة عن تداول أو استثمار العملات الرقمية، مما يشرعن استخدامها، ويضع إطاراً قانونياً للتعامل بها.
- أُثبت بالأدلة القاطعة، أنه تم استخدام العملات المشفرة في الأنشطة غير المشروعة وغسيل الأموال، لذلك فرضت بعض الحكومات رقابة على منصات العملات الرقمية، كي تحد من هذه الممارسات الغير قانونية.
مما لا شك فيه أن العملات الرقمية فرضت نفسها بشدة على الأسواق المالية، وانتزعت مكانتها بين وسائل التداول والاستثمار، رغم ما يدور حولها من شبهات، وما يواجهها دائماً من مخاطر وتحديات، ومهما اتفقنا أو اختلفنا على شرعية العملات الرقمية ومدى جودتها في الوقت الحالي، لا خلال أن مستقبلها قادم بكل قوة وشراسة، ولو يتعامل معها الكثير من الدول والمستثمرون بحذر في يومنا الحالي، حتماً سوف يختلف الأمر مستقبلاً، وسوف تنال العملات الرقمية المشفرة قيمة أوسع وتداول أكبر بكثير، مثل الحال في أي شيء مستجد، في البداية ينال استغراب الجميع، لكن بعد ذلك يتفوق على كل نظائره، كحال تطبيقات المكالمات التي حلت محل الرسائل الورقية، والهاتف المحمول الذي أنهى عصر الهواتف العمومية في الشوارع. وهنا يجدر بنا السؤال؛ هل يمكن أن تحل النقود المشفرة محل النقود التقليدية؟ أم أن الأمر سيكتفي بتوسع نطاق استخدام العملات المشفرة فقط، يمكن تخمين هذا من خلال عرض النقاط التالية:
- أن تتبنى الجهات الرسمية العملات الرقمية، ويحدث اندماج في ما بينهم متمثلاً في نظام مالي موحد، ونرى هذا واضحاً في إطلاق الدرهم الرقمي واليوان الرقمي.
- ربما سوف يقبل الكثيرون على هذه العملات الرقمية، لأن كما ذكرنا رسوم تحويلها أقل بكثير من رسوم تحويل العملات الرقمية، كما أن سرعة تحويلها لا تقارن بسرعة تحويل العملات العادية.
- سوف تنال العملات المشفرة قبولاً أوسع، لاسيما أن هناك شركات عالمية جديرة بالثقة بدمج هذه العملات مع العملات التقليدية مثل تسلا وباي بال. كما أن شركة تسلا استثمرت مؤخراً في العملات المشفرة، فاتجهت الأنظار عليها بصورة أوسع.
- على حسب كثير من التوقعات، أن تتحول العديد من الصناعات إلى استخدام العقود الذكية القائمة على البلوك تشين مثل؛ العقارات والتأمين.
- هناك بعض المخاوف تحيط بالبنوك المركزية، بشأن قدرتها على التحكم في الاقتصاد العالمي في ظل وجود العملات المشفرة، لكن مع قدرة البنوك على تطوير أنفسها واستخدام العملات الرقمية المركزية، قد تتلاشى هذه المخاوف شيئاً فشيئاً.
- مهما تم شرعنة وجود العملات الرقمية، يبقى تذبذب أسعارها، وتغيرها بشكل جذري في غضون لحظات أمراً مقلقاً للمستثمرين، لكن لعل المزيد من الأنظار عليها ومحاولة دمجها مع العملات الرقمية قد يؤدي إلى استقرار أسعارها ولو بشكل نسبي.
عموماً ليس مطلوب من الجميع فتح محافظ رقمية على الفور، والبدء في التداول في العملات الرقمية، لكن هذا لا يمنع أن نبقى على اطلاع دائم على هذه العملات ومستقبلها، وفهم الآليات التي تتحكم بها.
العملات الرقمية في الأسواق العربية
مدى التبني والاستخدام في الدول العربية
الجدير بالذكر أن مدى تبني الدول العربية للعملات الرقمية يتفاوت، فمن الدول ما يحظر تعاملها ومنها ما يقدم تسهيلات للمستثمرين الذين يمتلكونها، ويمكن عرض مدى استخدام العملات الرقمية في الأسواق العربية خلال الجدول الآتي:
الدولة العربية | نسبة مالكي العملات الرقمية بها |
الإمارات العربية المتحدة | حصلت على المركز الثالث عالمياً في تبني العملات المشفرة، وجذبت العديد من الاستثمارات، التي تزيد عن 30 مليار دولار بين عام 2023 و 2024 |
المملكة العربية السعودية | يمتلك حوالي 4.2 مليون شخص يعيش في السعودية عملات مشفرة، وهو ما يمثل 11% من سكان المملكة، ورغم لك لا يوجد أي قوانين حتى الآن تضبط عملية امتلاك هذه العملات. |
مصر | تمثل نسبة السكان الذين يمتلكون عملات مشفرة في مصر حوالي 3% من نسبة السكان، أي حوالي 3.4 مليون شخص تقريباً، ومع ذلك حذر البنك المركزي المصري امتلاك هذه العملات، ومازالت التشريعات بخصوص هذه العملات قيد الدراسة. |
العراق | يمتلك أكثر من 840 ألف شخص عملات رقمية في العراق، ولكن الحكومة حظرت تداول العملات الرقمية، واعتبرت هذا الأمر مخالف للقانون. |
الجزائر | 2.2% من سكان الجزائر يمتلكون عملات مشقرة. |
لبنان | 132 ألف شخص في لبنان يمتلكون عملات مشفرة. |
فلسطين | 126 ألف شخص يمتلكون عملات مشفرة في فلسطين. |
الأردن | 1.6% من سكان الأردن بحيازتهم عملات مشفرة. |
ليبيا، البحرين وقطر | لا تتعدى نسبة من يمتلك العملات الرقمية في هذه الدول 1% |
التحديات والفرص في الأسواق المحلية
رغم إقبال الناس في العالم العربي على العملات المشفرة ( Cryptocurrencies )، أو على الأقل تطلعهم إلى فهم ماهية هذه العملات؟ مازالت هناك العديد من التحديات تواجهها، لاسيما أن سوقها وليد هش، يحتاج إلى كثير من الوقت كي ينمو ويترعرع حتى لا تؤثر هذه التحديات عليه. إليكم أهم هذه التحديات في نقاط مختصرة:
- من أهم المعوقات التي تقف في طريق العملات المشفرة، القوانين والتشريعات، فنجد أن هناك دول تتبناها بشدة مثل الإمارات، ودول أخرى تحظرها بشكل مباشر مثل العراق، ودول أخرى تنظر إليها بعين التربص والترقب مثل مصر، وهذا التباين في التشريعات ومواقف الدول يعطل حركة سير العملات المشفرة، ويعتبر حاجزاً كبيراً أمام تقدمها.
- التحديات الأمنية تعد بمثابة شوكة في ظهر العملات الافتراضية، لأن المنصات التي تتعامل بها عرضة للاختراق، وقد حدث ذلك بالفعل في عدة مواضع، لذلك من الهام للغاية تعزيز الأمن السيبراني لهذه المنصات حفظاً لأموال المستثمرين، وربما تساعد تخصصات الأمن السيبراني في الدول العربية في هذا الأمر، حيث يجب أن تنتشر هذه التخصصات بشدة، وأن يكون هناك توجيه عام بأهمية دراستها.
- العملات الرقمية عرضة للاختراق والقرصنة، كما أن هناك العديد من المخاوف منها بأن تؤثر على الاقتصاد العالمي، وتقلص من دور البنوك، وهذه المخاوف ليست فقط في الوطن العربي، بل أنه اتجاه عالمي يجب وضعه في عين الاعتبار، لذلك إذا جزمنا بأن العملات المشفرة سوف تحتل قيمة كبيرة مستقبلاً، يجب أن يتم هذا من خلال فرض المزيد من القوانين والضوابط، التي تتحكم في الأمر وقاية من القرصنة والاختراقات، وحماية من استخدامها كوسيلة دفع في الممارسات الغير أخلاقية والأعمال المخالفة للقانون.
الاستثمار في العملات الرقمية
كيفية اختيار العملة المناسبة للاستثمار
لنقل أنك بعد قراءة هذه المقالة، انتابك شعور عارم بالحماسة نحو العملات المشفرة، وربما قررت أن تبدأ ولو حتى بمبلغ بسيط جداً، الآن سيبقى سؤال واحد وهو ؛ تُرى بأي عملة أبدأ؟ ويمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال اتباع الخطوات التالية لاختيار العملة المشفرة المناسبة:
- ابحث عن معلومات كافية عن العملة التي تنوي الاستثمار فيها مثل؛ الورقة البيضاء للعملة، التي يُكتب فيها الغرض من إنشاء العملة، وخريطة عمل هذه العملة مستقبلاً، ويجب على المستثمر النظر أيضاً إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالعملة، كما أن وجود العملة على وسائل التواصل الاجتماعي من أهم عوامل اطمئنان المستثمر، وأخيراً على الناوي على التداول أو الاستثمار أن ينظر إلى تاريخ تداول العملة، لكي يتابع مراحل صعود وهبوط العملة.
- أن يكون للعملة تطبيقات حقيقية في العالم الواقعي، فكلما حدث ذلك كلما زادت ثقة المستثمرين في هذه العملة. يعني يمكنك أن تسأل؛ هل العملة الرقمية يمكن استخدامها كوسيلة دفع لمنتجات عينية، خدمات معينة أو تطبيقات على الإنترنت؟
- عندما تختار عملة رقمية معينة، يجب أن تكون مستقرة نسبياً، ويمكنك معرفة ذلك من خلال تاريخ أسعار العملة، ومراحل التقلب التي مرت بها. ويجب أيضاً النظر في مدى أمان المواقع التي تتعامل بالعملة الرقمية، حيث يجب أن تكون مؤمنة جيداً ضد القرصنة والاختراق.
- تنويع مجالات الاستثمار مهم للغاية. مثلاَ؛ يمكنك الاستثمار في أكثر من عملة رقمية، وأن تتعامل مع أكثر من شبكة بلوك تشين، فهذا يضمن أنه إذا حدث أي خسارة، لن تتركز في مكان واحد، مما يقلل من العواقب، ويدير المخاطر بوسيلة حكيمة.
استراتيجيات إدارة المخاطر
في عالم المال والاقتصاد يمكن تطبيق استراتيجيات إدارة المخاطر على جميع أنواع التداول والاستثمار بما فيها العملات المشفرة ( Cryptocurrencies )، وفي ما يلي نعرض أهم هذه الاستراتيجيات، التي لا تنطبق فقط على العملات الرقمية، بل على جميع صور التداول والاستثمار أيضاً:
- تحديد نسبة العائد المتوقع إلى نسبة الخسارة المحتملة، فإذا كانت توقعات المتداول بأن يجني مكسب بنسبة معينة، يجب أيضاً أن يضع في حسبانه نسبة الخسارة، حيث تقل عن المكسب بمقدار النصف. لنفرض مثلاً أن المتداول دخل صفقة على أساس أن يكسب بنسبة 10% ، يجب أن تكون الخسارة المحتملة لا تزيد عن 5% بأي حال من الأحوال.
- من أهم سمات المتداول الناجح، أن يحدد سعر بيع معين عند تراجع أسعار الأصول بطريقة غير متوقعة، وهذا يسمى في أوساط المال والاقتصاد بأوامر وقف الخسارة.
- تنويع الأصول المستثمر فيها، وفي عالم العملات المشفرة أن يختار المستثمر أكثر من عملة كي يتداول أو يستثمر فيها، من منطلق لا تضع البيض كله في سلة واحدة.
- على المستثمر أو المتداول أن يتريث، وأن يتحلى بالحكمة عند اختيار الصفقة التي يدخل فيها، فيجب أن لا تتعدى الصفقة 1-2% من رأس المال. صحيح أن المكاسب ربما تكون أبطأ، لكن في نفس الوقت سيتم تحجيم وتقييد الخسائر إذا ما حدثت.
- لجوء المستثمر أو المتداول إلى التحليل الفني والتحليل الأساسي قبل العزم على أي صفقة. في التحليل الفني سيطلع صاحب رأس المال على الرسومات البيانية التي توضح حجم تداول الأصل المالي وتقلب أسعاره، أما في التحليل الأساسي يدرس المستثمر العوامل المؤثرة في تحديد سعر الأصل المالي، وبالجمع بين التحليل الفني والأساسي أو على الأقل الاعتماد على نوع واحد من التحليل، سيتجنب صاحب رأس المال العديد من المخاطر.
- من الاستراتيجيات المهمة التي يجب على المستثمر اتباعها؛ الاطلاع على الأخبار السياسية والاقتصادية، ومتابعتها بعناية ودقة بالغة، لأنها تؤثر بصورة كبيرة في تحديد سعر الأصول المالية.
نصائح لتجنب الاحتيال
- الحذر من التصيد الاحتيالي، وفي هذا النوع من الاحتيال، يقوم المحتالون بإنشاء نسخة مماثلة من المنصات المخصصة لتداول العملات الرقمية، ثم يقومون بإرسال نسخة إلى الضحية، مع رسالة تسويقية شديدة الإقناع. وتعتبر هذه وسيلة فعالة جداً لنهب الأموال.
- لا تخزن عملاتك المشفرة على منصة تداول العملات المشفرة، لأنها قد تكون معرضة إلى الاختراق، كما أن القائمين على بعض هذه المنصات قد يغلقوها بشكل مفاجئ ويهربوا بالأموال.
- شراء محفظة الأجهزة، فهي أكثر نوع آمن في المحافظ الرقمية.
- أن يكون الجهاز مؤمن ضد الفيروسات أو أي محاولة للاختراق.
- استخدام كلمات مرور صعبة عند إنشاء محفظة إلكترونية أو أي حساب على منصات التداول.
- لا تقع في فخ مجموعات الضخ والتفريغ، وهي مجموعات تعمل ضجة كبيرة لتجعل أكبر قدر من الناس يشترون العملات المشفرة في نفس الوقت، بالطبع هذه العملية تؤدي إلى ارتفاع سعر العملة الرقمية، ومن الوارد أن يقوم هؤلاء الأشخاص ببيعها فجأة مما يجعل سعرها ينخفض بشكل مفاجئ، ويتأثر من اشترى العملة الرقمية سلباً.
- احذر من عصابات سرقة العملات الرقمية، وضع في اعتبارك أن سرقتها أمر جذاب للمجرمين، لأن في عالم العملات الرقمية لا يمكن تتبع أصحابها، مما يجعل المجرمين يمارسون معاملاتهم الإجرامية بكل سهولة وبدون أي رقابة أو رادع.
مستقبل العملات الرقمية
التطورات التكنولوجية المستقبلية
لا تتوقف سلسلة طموح مؤسسي العملات الرقمية، حيث سيشهد المستقبل القريب تطورات هائلة في تكنولوجيا العملات المشفرة، نذكرها في ما يلي:
- سوف تشهد شبكة البلوك تشين تطورات أكبر، منها أن تزيد سرعة المعاملات المالية أكثر مما هي عليه الآن، ومن جهة أخرى سيقل استهلاك الطاقة مثل الحال مع Ethereum 2.0
- دخول الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا العقود الذكية، مما يسهل عملية تحليل البيانات بشكل دقيق وسريع للغاية، كما أن هذا يعزز من نظام الأمان وكشف محاولات الاحتيال بسهولة بالغة.
- هناك برتوكولات متطورة مثل zero -knowledge proofs ، يسمح هذا البروتوكول بمعاملات آمنة مع الحفاظ على الخصوصية، وعدم الكشف عن تفاصيل المستخدمين.
- من المتوقع أن تندمج العملات الرقمية المشفرة، بشكل أكبر وأكثر تعمقاً مع الشركات الاقتصادية.
- التعدين المستدام من خلال استخدام وسائل آمنة على البيئة أثناء التعدين مثل؛ طاقة الرياح المتجددة.
- تعزيز دور الرموز الغير قابلة للاستبدال NFTS ، خاصةً في الفن، العقارات الرقمية، الألعاب وغيرها.
- من الوارد بشدة أن تزيد القوانين والتشريعات المنظمة للعملات الرقمية، لأنها فرضت نفسها بشدة على العالم المالي والاقتصادي في يومنا الحالي، ومن المتوقع أن يتعاظم دورها مستقبلاً.
العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)
وهي عبارة عن نسخة رقمية من العملات التقليدية، تصدرها البنوك المركزية بهدف الجمع بين مزايا العملات الرقمية مثل سرعة التحويل والرسوم المنخفضة على التحويل، ومزايا العملات التقليدية مثل الاستقرار والأمان. ويوجد نوعين من العملات الرقمية للبنوك المركزية؛ النوع الأول خاص بالأفراد والشركات، حيث يستخدم كوسيلة دفع يومية، أما النوع الثاني هو خاص بالبنوك والمؤسسات المالية، والذي يتم استخدامه في التسويات الكبرى.
وهناك العديد من المميزات لهذا النوع من العملات مثل؛ مساعدة الفئات التي لا تمتلك حسابات مصرفية في الدول النامية، توفير المبالغ المنفقة في طباعة الأموال، تسريع عمليات الدفع، الحد من الأنشطة غير القانونية، الحد من التهرب الضريبي في المعاملات الرقمية، تحكم البنوك المباشر في السياسة النقدية وغيرها من منافع أخرى.
ولا تخلو العملات الرقمية للبنوك المركزية من بعض المناقم مثلاً؛ قد تساعد هذه العملات في رقابة حكومية تزيد عن حدها للمعاملات المالية للأفراد، الإضرار بخصوصية الأفراد، كما أن هذه العملات عرضة إلى التعرض إلى الهجمات السيبرانية، وقد تؤدي هذه العملات إلى تقليص دور البنوك المصرفية العادية، فقد يقل الإقبال على وضع الودائع النقدية التقليدية في البنوك، ويلجأ الغالبية العظمى إلى ال CBDCs
ونجد أن هناك العديد من الدول قد طبقت هذه العملات على أرض الواقع كَالصين، حيث أطلقت اليوان الرقمي، وأطلق الاتحاد الأوروبي اليورو الرقمي، ولازالت البحوثات قائمة حول مشروع الدولار الرقمي، وتدرس أيضاً كل من مصر، المغرب، السعودية والإمارات إطلاق عملاتهم الرقمية الخاصة.
تأثير العملات الرقمية ( Cryptocurrencies ) على الاقتصاد العالمي
تؤثر العملات الرقمية المشفرة على الاقتصاد العالمي، ويظهر هذا جلياً في الجوانب الآتية:
- تسريع المعاملات المالية والتحويلات، مع انخفاض تكاليف التحويل مما يؤدي إلى انتعاشة اقتصادية.
- تؤثر العملات الرقمية إيجاباً على الدول النامية، التي تتسم ببنية مصرفية ضعيفة مثل أفريقيا، حيث تقوم بزيادة الشمول المالي.
- إزالة العقبات المصرفية والحد من الإجراءات البيروقراطية.
- الحد من تعاظم دور الدولار الأمريكي في التجارة العالمية، فقد قامت الصين بإطلاق اليوان الرقمي ليقوم بهذا الدور بشكل مباشر.
نصائح للمبتدئين في عالم العملات المشفرة ( كريبتو )
كيفية البدء في الاستثمار أو التداول
إليك أهم النصائح عند البدء في عالم تداول واستثمار العملات الرقمية:
- ابدأ برأس مال صغير.
- احسب نسبة الخسارة، وفي أسوء الحالات لا تجعل نسبة الخسارة تتخطى رأس مالك بأي حال من الأحوال.
- استثمر في أكثر من نوع من العملات المشفرة، ولا تضع البيض كله في سلة واحدة.
- اختر محفظة رقمية آمنة، كي تحتفظ بعملاتك الرقمية بعيداً عن السرقات والنهب.
- خصص جزئاً من يومك لمتابعة أخبار العملات المشفرة، ولا تفوت يوماً دون متابعة الجديد، فإذا أردت أن تكون متداول ناجح، إذن أنت بحاجة أن تكون متاح دائماً وموجود دائماً.
- ابحث بنفسك، ولا تكتفي بالاستماع إلى الآخرين، لاسيما أننا في عصر أصبح كل شيئ فيه متاح، بنقرة على جوجل تستطيع الوصول لمعلومات قيمة، أو بسؤال إلى شات جي بي تي تجد تقريراً مفصلاً أمامك.
- كن على علم أن الخسارة واردة، فإذا دخلت إلى عالم تداول الكريبتو، اعلم أنك ستمر بفترات تذبذب، سوف تجني الكثير، لكن لحظات الخسارة لا مفر منها، والذكاء أن تحجم هذه الخسارة، وأن تدير المخاطر بوعي وحكمة.
- عندما تنزل أسعار العملات المشفرة، اشتريها من المنصات الموثوقة، وعندما ترتفع أسعارها قم ببيعها. تمهل فالأمر ليس بهذه السهولة، ربما أصبحت تعي هذا بعد قراءة هذه المقالة.
أدوات ومصادر التعلم
إذا كنت تريد معلومات كافية عن استثمار وتداول العملات الرقمية المشفرة – كريبتو ، إليك أهمها:
- الدورات التدريبية عبر الإنترنت كموقع Coursera و Udemy
- الكتب التي تتناول التداول بتعمق مثل؛ blockchain revolution
- مواقع تحليل البيانات والأسعار مثل coinMarket cap
- أدوات التحليل الفني بالرسوم البيانية مثل تريدنج فيو
- منصات التداول الشهيرة مثل بينانس
- منتديات النقاش ومجتمع الأخبار مثل منصة أكس، جروبات اقتصادية على فيسبوك وغيرها من منصات.
خلاصة واستنتاج
ملخص النقاط الأساسية
إليك أهم ما تناولته هذه المقالة:
- أحدثت العملات الرقمية المشفرة ( Cryptocurrencies ) طفرة كبيرة في عالم المال والاقتصاد.
- تعتمد العملات الرقمية على تقنية عالية الأمان والشفافية تُسمى بلوك تشين.
- قفزت قيمة العملات الرقمية مثل البيتكوين قفزة مهولة خلال العشر سنوات السابقة.
- هناك العديد من القيود القانونية والتنظيمية تواجه العملات الرقمية المشفرة، إلا أنها استطاعت الصمود أمام كل هذه التحديات.
- بعض الدول تحظر التعامل بالعملات المشفرة مثل الصين.
- تتسم العملات الرقمية المشفرة بسرعة التحويل والتكاليف المنخفضة على ذلك، ومع ذلك تظل عرضة للاختراقات السيبرانية والهكر.
- رُصدت الكثير من الحالات، التي تستخدم العملات المشفرة في أعمال غير مشروعة دولياً وفي غسيل الأموال.
- أقوى العملات الرقمية المشفرة هي بيتكوين وإيثيريوم، ويمكن الاستثمار فيهم لأن أسعارها تستطيع الصمود في التصاعد لدورة مالية كاملة، بينما باقي العملات تنهار قبل مرور الدورة الكاملة.
- إذا كنت تريد الاستثمار في العملات الرقمية، ابدأ بمبلغ بسيط.
دعوة للاستثمار الواعي
من هذه المقالة يمكن أن نستنبط مدى تأثير العملات الرقمية المشفرة ( الكريبتو ) على الحياة الاقتصادية في المستقبل القريب، لذلك من المجدي البدء في هذا العالم ولو حتى برأس مال بسيط، لكن من الضروري أيضاً أخذ مخاطر العملات الرقمية بعين الاعتبار، فهي شديدة التذبذب وأموالك لن تكون في مأمن بنسبة 100% . وهنا يتوجب عليك تنويع المحافظ الإلكترونية والمنصات التي سوف تتداول أو تستثمر فيها العملات الرقمية، كما يجب أن تنوع في العملات، ومن الهام الاعتماد على دراسات تحليلية كافية في هذا الأمر. كل هذا يساعدك في الاستثمار الواعي بعقلانية، لتحقيق مكاسب وتجنب الخسائر بقدر المستطاع
وجهة نظر الإسلام من امتلاك واستخدام العملات المشفرة
يرى بعض العلماء أن العملات المشفرة محرمة لأنها لا تخضع إلى رقابة مركزية وقد تستخدم في الأنشطة غير المشروعة، كما أنه ليس لها قيمة ثابتة، كذلك يدور حولها غموض كبير، وهي عرضة للمضاربة والمقامرة. ومن أهم الجهات التي تبنت هذا الرأي دار الإفتاء المصرية، مجمع الفقه الإسلامي في السودان. وقد اشرنا لهذا في مقالة سابقة عن حكم تداول العملات الرقمية في الاسلام
أما الفئة الثانية من العلماء ترى أن العملات الرقمية في حد ذاتها مشروعة، إذا لم تخالف الضوابط الشرعية، كأن تستخدم في أنشطة مشروعة، ولا يوجد بها تعاملات ربوية أو بيع غرر، وأن يتجنب من يتداولها المقامرة والمضاربة وغيرها من ضوابط شرعية حددها الإسلام.
ويجب الإشارة أن هناك بعض العلماء امتنعوا عن الفتوى حتى تتضح بعض الأمور الغامضة عن هذه العملات العملات الرقمية المشفرة.
المصادر:
arabictrader.com
arabfinancials.org
argaam.com
sharjah24.ae
binance.com