يشهد العالم تطوراً هائلاً ومستمراً في مجال المال والأعمال، ومع هذا التطور الكبير أصبح تداول العملات واحداً من أهم وأشهر الاستثمارات التي تحقق مكاسب مالية مرتفعة ويرغب العديد من الناس في استثمار أموالهم بها. وعلى الرغم من ذلك فإن تداول العملات يشكل قلقاً عند العديد من الناس من الناحية الدينية، فلا توجد فتوى صريحة ورأي موحد لعلماء المسلمين فيما إذا كان تداول العملات في الاسلام حلال أم حرام.
والمقال التالي سيكون بمثابة دليل للناس الراغبين في استثمار أموالهم في التداول ولكن ينقصهم معرفة حكم تداول العملات في الإسلام.
جدول المحتويات
ما هو تداول العملات ؟
يعرف التداول بالعملات ( الفوركس ) أنه بيع وشراء العملات الأجنبية بحسب ارتفاع وانخفاض سعر الصرف بهدف زيادة الأرباح.
وبمعنى آخر هو المضاربة على تقلبات أسعار العملات عن طريق شراء عملة وبيع عملة أخرى في نفس الوقت، ان ارتفاع وانخفاض أسعار العملات يتعلق بعدة ظروف اقتصادية وسياسية وغيرها.
هناك نوعان من أسواق الفوركس وهما سوق الفوركس الفوري حيث يتم تبادل أزواج العملات في وقت تسوية المعاملةً، وسوق العقود الآجلة للفوركس حيث يكون هناك عقد لشراء وبيع كمية معينة من العملات وخلال مدة محددة.
يتمتع تداول العملات بميزات متعددة تجعله يتفوق على الطرق المألوفة للاستثمارات المالية الأخرى، ولكن في نفس الوقت يتردد العديد من الناس في خوض تجربة التداول بالعملات بسبب خطورة العمل في هذا المجال والتعقيدات والتقلبات التي يشهدها سوق العمل فضلاً عن التشكيك فيما إذا كان التداول من الأعمال المحرمة في الإسلام.
هل تداول العملات حرام؟
يعتبر التداول بالعملات نوع من أنواع التجارة التي يرغب العديد من الناس استثمار أموالهم بها، ولكن يبقى التساؤل حول شرعية التداول في الإسلام وهل هو حلال أم حرام؟
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نتذكر أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يعمل في التجارة والدين الإسلامي لم يحرم التجارة بل على العكس تماماً دفع الناس إلى العمل فيها وفق شروط وضوابط معينة.
ولذلك فإن التداول كغيره من أنواع التجارة لا يعتبر محرماً إذا كان ضمن شروط معينة تجعله بعيداً عن أعمال الربا المحرمة في دين الإسلام.
ما هو حكم تداول العملات في الاسلام ؟
يتفق معظم العلماء المسلمين على أن تداول العملات حلال إذا تمت ممارسته بطريقة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، حيث أن هناك أنواع من التداول عالية المضاربة والمخاطر لا تتناسب مع القوانين والأسس الحلال للتداول.
وفيما يلي سنذكر أهم شروط تداول العملات الحلال:
- التداول بقيمة رأس المال الخاص بك دون اقتراض أموال من شركة التداول.
- أن يتصرف المتداول بالأموال التي قام بشرائها بحرية تامة فهي أصبحت ملكاً له.
- التداول أثناء عمل سوق المال وخلال ساعات عمل البورصة.
- الابتعاد عن التداول بالهامش وهو أن يدفع المتداول جزء بسيط من الشيء الذي يريد شرائه ويدفع الوسيط الجزء المتبقي وتبقى جميع عقود الشراء لدى الوسيط كرهن على مبلغ القرض، وهذا شكل من أشكال الربا.
- الابتعاد عن رسوم سواب والربا.
- الابتعاد عن الرافعة المالية وأي عمولات ورسوم تفرضها شركة التداول لأنها شكل من أشكال الربا.
- أن يتم التقابض بشكل فوري أثناء المضاربة في عملية البيع والشراء.
- الابتعاد عن التداول في المعاملات المرتبطة بأمور غير أخلاقية أو غير مشروعة كشرب الخمر أو غسيل الأموال.
- الابتعاد عن المضاربات عالية المخاطر والشركات الغامضة و المبالغة في عدم اليقين.
- الابتعاد عن المقامرة والمضاربة وهي اعتماد المتداول في تعاملاته على الحظ والصدفة وليس على فهم وتحليل السوق المالية.
كيف نتجنب العمولات الربوية في التداول؟
لا يعتبر تداول العملات ربا إذا تم الابتعاد عن الممارسات التي تجعل التداول يندرج تحت الغموض والمعاملات المحرمة في الدين الإسلامي، حيث يوجد نوعين من العمولات الربوية يجب الابتعاد عنها عند التداول وهي:
- عمولة التبييت ( السواب ) وهي الرسوم التي تفرضها شركة التداول على المتداولين لقاء الإبقاء على مراكزهم مفتوحة طوال الليل.
- الرافعة المالية : وهي قرض تمنحه شركة التداول للعملاء لزيادة رأس المال المستثمر، واما حكم الرافعة المالية في الاسلام فهي مرفوضة ومحرمة .
هل تداول مؤشرات الأسهم حرام؟
أثار تداول مؤشرات الأسهم العربية والعالمية جدلاً واسعاً من الناحية الشرعية، وكان هناك العديد من التساؤلات حول حكم تداول المؤشرات شرعاً.
تم نقاش هذا الموضوع ضمن فعاليات الدورة السابعة لمؤتمر مجمع الفقه الإسلامي عام 1992، وانتهى النقاش إلى إقرار تحريم تداول المؤشرات ويعود ذلك إلى الأسباب التالية:
- المؤشرات هي رقم إحصائي و ليست أداة مالية يمكن تداولها وامتلاكها بشكل فعلي، حيث يعتبر تداول المؤشرات عملية بيع وشراء لمنتج وهمي غير موجود في الواقع.
- تستخدم الرافعة المالية في معاملات تداول المؤشرات وهي نوع من أنواع الربا المحرمة أساساً في الشريعة الإسلامية.
هل تداول العملات الرقمية حرام في الاسلام ؟
يعتبر تداول العملات الرقمية من أكثر أنواع التداول رواجاً وانتشاراً في وقتنا الحالي، وتوجد عدة أنواع للعملات الرقمية ويعد البتكوين أكثرها انتشاراً، كما توجد عدة منصات للتداول وأشهرها منصة بينانس حيث يتم تداول مليارات الدولارات يومياً على هذه المنصة.
يختلف علماء المسلمين حول هذا النوع من التداول حيث أجمع البعض على أن تداول العملات الرقمية هو نوع من المقامرة والغرر بسبب الجهل وعدم فهم المعاملات الخاصة به حيث تكون مشفرة بالكامل باستخدام تقنية البلوك تشين، بالإضافة إلى عدم معرفة معلومات الشخص الآخر.
كما أن هذه العملات وهمية غير موجودة بشكل مادي ملموس وغير معترف بها في المؤسسات المالية، لذا يعتبر التداول في هذا النوع من العملات محرماً.
بينما لا يحرم البعض الآخر من علماء المسلمين تداول العملات الرقمية ولكن ضمن شروط ومعايير محددة تتناسب مع الشريعة الإسلامية ويمكن تلخيص هذه الشروط في ما يلي:
- الابتعاد عن نظام العقود الآجلة .
- الابتعاد عن القروض لإتمام المعاملات المالية.
- الابتعاد عن الرافعة المالية وأي شكل من أشكال الربا.
- التداول بنظام spot.
- الابتعاد عن تداول العملات المشبوهة والتي يتم تداولها في ظروف غامضة.
ماهي أفضل شركات التداول الإسلامية؟
تتيح شركات التداول الإسلامية للمستثمرين المسلمين إدارة تعاملاتهم المالية وفق ضوابط وقوانين الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى ضمان حماية رأس المال وغير ذلك من أشكال الدعم والخدمات المميزة ونذكر منها الآتي:
- إمكانية الحصول على حساب تداول إسلامي.
- توفير خدمة العملاء باللغة العربية.
- تأمين نسخة باللغة العربية للموقع الرسمي للشركة.
- توفير وسائل السحب والإيداع المعترف بها حسب الدولة الأم.
لمعرفة الشركات التي تقدم حسابات إسلامية ننصحكم بمتابعة صفحة شركات التداول المرخصة في موقع المراقب.
ختاماً يرغب العديد من الناس العمل في مجال الاستثمار وتداول العملات ولكن يبقى اللبس حول شرعية هذه الأعمال في الدين الإسلامي عائقاً أمام الكثير، لذلك نتمنى أن يكون المقال السابق دليلاً واضحاً يساعدك على فهم حكم تداول العملات في الإسلام.
تم الاستناد في هذه المقالة الى المصادر الشرعية التالية