تدخل سوق العملات المشفرة مرحلة جديدة من الانكماش الحاد، بعدما محا القطاع أكثر من تريليون دولار من قيمته السوقية منذ بدء موجة الهبوط الأخيرة في عام 2025. فقد تراجعت بيتكوين – أكبر عملة مشفرة في العالم – إلى مستوى 88,522 دولاراً في تداولات نيويورك، وهو أدنى مستوى لها في سبعة أشهر، ما وجه ضربة قوية للمستثمرين بمختلف شرائحهم، بدءاً من مشتري التجزئة الذين اعتادوا الشراء عند الانخفاض، وصولاً إلى شركات إدارة الأصول الرقمية التي بدأت القيمة العادلة لأسهمها تفقد علاواتها تدريجياً. ورغم أن الأسواق شهدت ارتداداً طفيفاً لاحقاً بدعم من توقعات الإيرادات القوية لشركة إنفيديا، فإن الضغوط العامة لا تزال مسيطرة. ويشير المحللون إلى أن العتبات النفسية التالية تقع حول 85,000 و80,000 دولار، مع مراقبة المستوى المحوري عند 77,424 دولاراً، والذي سجّل خلال اضطرابات الرسوم الجمركية في أبريل الماضي. وفي الوقت ذاته، انخفضت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية من ذروتها عند 4.3 تريليون دولار في أكتوبر إلى نحو 3.2 تريليون دولار، وهو تراجع كبير يعكس في معظمه خسائر دفترية وليست عمليات بيع نقدية مباشرة.
وتفاقمت تقلبات السوق بعد سلسلة تصفيات قسرية تجاوزت 19 مليار دولار في 10 أكتوبر، ما كشف هشاشة البنية الائتمانية في قطاع الكريبتو وأشعل موجة من نداءات الهامش وتراجعاً في تدفقات البورصات، إلى جانب توقف ملحوظ في دخول مستثمرين جدد. ويؤكد محللو السوق، مثل جيمس باترفيل من CoinShares، أن غياب الوضوح حول الاتجاه الاقتصادي الكلي يدفع المستثمرين إلى مراقبة تحركات “حيتان السوق”، ما يزيد من حالة القلق والارتباك. وتعكس التراجعات الأخيرة خيبة توقعات المستثمرين الذين بنوا رهاناتهم على خفض معدلات الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي وعلى استمرار تبني المؤسسات لبيتكوين، وهما ركيزتان شهدتا توقفاً ملحوظاً. كما تأثرت شركات سندات الخزانة الرقمية التي اعتمدت على الأسعار المرتفعة السابقة. ولم تكن إيثريوم بمنأى عن الصدمات، إذ تراجع سعرها إلى ما دون 3,000 دولار بعد أن لامست مستوى 5,000 دولار في أغسطس. وعلى الرغم من هذه الضغوط، يرى محللون – مثل ماثيو هوجان من Bitwise – أن السوق قد تكون أقرب إلى نهاية موجة البيع، رغم أن الوصول إلى قاع حقيقي قد يتطلب مزيداً من الانخفاض قبل بدء التعافي الحقيقي.
