التقابض Immediate Possession (Hand-to-Hand Exchange) في التجارة الإسلامية يشير إلى استلام وتسليم العوضين في المعاملات المالية بشكل فوري ومباشر، سواء كان ذلك باليد أو بأي وسيلة تحقق التملك الفوري وتمنع الغرر (الجهالة) أو التأخير غير المبرر. يُعد التقابض شرطاً أساسياً في بعض أنواع المعاملات وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، لا سيما في بيع العملات (الصرف) وبيع الذهب والفضة، حيث يجب أن يتم تبادل الأموال أو السلع في نفس مجلس العقد لتجنب الربا.
هناك نوعان من التقابض في الفقه الإسلامي: التقابض الحقيقي والتقابض الحكمي. التقابض الحقيقي هو استلام المال أو السلعة باليد مباشرة، بينما التقابض الحكمي يحدث عندما يصبح المشتري قادراً على التصرف بالمبيع، حتى لو لم يستلمه يداً بيد، مثل إيداع الأموال في الحساب المصرفي أو تحويل الأصول الرقمية إلى محفظة إلكترونية يمكنه التحكم بها فوراً.
في العصر الحديث، أصبح التقابض الحكمي أكثر شيوعاً بسبب تطور وسائل الدفع الإلكترونية والتحويلات البنكية، حيث أفتى العديد من العلماء بجواز هذه الوسائل طالما أنها تحقق نفس الغرض الشرعي من التقابض، وهو التمكن الفوري من التصرف في المال أو السلعة دون تأخير. لهذا، يُنصح المتعاملون في التجارة الإسلامية بالتأكد من استيفاء شرط التقابض عند إجراء الصفقات، خاصة في تجارة العملات أو المعادن النفيسة، لضمان توافق معاملاتهم مع الضوابط الشرعية وتجنب الوقوع في الربا أو الغرر المحرم.
مع تطور الأسواق المالية والتجارة الإلكترونية، أصبح تطبيق مفهوم التقابض أكثر تعقيداً، خاصة في المعاملات التي تتم عبر الإنترنت. لذلك، اهتم الفقهاء والمؤسسات المالية الإسلامية بوضع معايير واضحة لضمان صحة المعاملات الرقمية. على سبيل المثال، في تجارة الفوركس الإسلامية، يُشترط أن يتم التقابض الفوري عند تبادل العملات، سواء من خلال التحويل المباشر إلى الحساب البنكي أو من خلال العقود الفورية التي لا تتضمن تأخيراً في التسليم. كذلك، في تجارة الذهب والفضة عبر المنصات الإلكترونية، يجب أن يكون لدى المشتري القدرة الفورية على التصرف في المبيع، مثل إمكانية السحب أو البيع دون قيود زمنية، حتى يعتبر التقابض شرعياً. هذه الضوابط تهدف إلى حماية المتعاملين من الوقوع في المعاملات غير المشروعة وتعزز من شفافية التعاملات المالية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.