هل سمعت من قبل عن إيثريوم كلاسيك (ETC)

مع التوسع المتسارع في عالم العملات الرقمية، تظهر العديد من الأسماء والمصطلحات الجديدة التي قد تكون غامضة لبعض المستخدمين. ومن بين هذه المصطلحات، تبرز عملة إيثريوم كلاسيك (Ethereum Classic – ETC) كواحدة من أبرز العملات البديلة التي أثارت الكثير من الجدل والنقاش. قد تكون قد سمعت عن “إيثريوم” من قبل، وهي واحدة من أشهر العملات الرقمية بعد البيتكوين، ولكن هل سمعت عن إيثريوم كلاسيك؟ في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلق بهذه العملة، من نشأتها وأسباب وجودها، إلى استخداماتها ومستقبلها في السوق الرقمي.

ما هي عملة إيثريوم كلاسيك (ETC)؟

إيثريوم كلاسيك هي عملة رقمية لامركزية تمثل النسخة الأصلية من شبكة إيثريوم التي تم إنشاؤها في عام 2015. وهي تعتمد على نفس التقنية الأساسية التي تعتمد عليها إيثريوم، وهي تقنية البلوك تشين (Blockchain) والعقود الذكية (Smart Contracts)، ولكنها تختلف في بعض المبادئ والأهداف الجوهرية التي سنتناولها لاحقاً.

ظهرت إيثريوم كلاسيك نتيجة لانقسام حدث في شبكة إيثريوم الأصلية في عام 2016، بعد عملية اختراق شهيرة طالت مشروعاً يسمى DAO، وهو اختصار لـ “المنظمة المستقلة اللامركزية”. أدى هذا الاختراق إلى سرقة ما يعادل 50 مليون دولار من عملة إيثر (ETH) في ذلك الوقت، مما تسبب في أزمة داخل مجتمع إيثريوم.

كيف نشأت إيثريوم كلاسيك؟ القصة وراء الانقسام

في عام 2016، تم إطلاق مشروع DAO كأحد أوائل التطبيقات اللامركزية على شبكة إيثريوم، وكان يهدف إلى إنشاء صندوق استثمار لامركزي يديره حاملو التوكنات، دون الحاجة إلى وسطاء أو سلطات مركزية. جذب المشروع استثمارات ضخمة وصلت إلى أكثر من 150 مليون دولار من عملة إيثر خلال أسابيع قليلة.

ولكن في يونيو من نفس العام، استغل أحد المخترقين ثغرة في كود DAO وقام بتحويل ما يقارب 50 مليون دولار إلى حسابه. ورغم أن الثغرة كانت في التطبيق وليس في شبكة إيثريوم نفسها، إلا أن تأثير الاختراق كان كارثياً، وتسبب في حالة من الذعر بين المستثمرين.

أمام هذه الكارثة، انقسم مجتمع إيثريوم إلى فريقين:

• الفريق الأول: رأى أنه يجب التدخل لتعديل سلسلة الكتل (البلوك تشين) لاستعادة الأموال المسروقة. وبالفعل تم تنفيذ عملية تُعرف بـ “الهارد فورك” (Hard Fork) لتغيير تاريخ الشبكة وإلغاء آثار السرقة. وهكذا وُلدت شبكة إيثريوم الجديدة (Ethereum – ETH).
• الفريق الثاني: رفض هذا التغيير وتمسك بمبدأ أن البلوك تشين يجب أن يكون غير قابل للتغيير (immutability). هذا الفريق استمر في استخدام السلسلة الأصلية بدون تعديل، وأطلق عليها اسم إيثريوم كلاسيك (Ethereum Classic – ETC).

الفروق الجوهرية بين إيثريوم وإيثريوم كلاسيك

رغم أن كلاً من إيثريوم وإيثريوم كلاسيك نشأتا من نفس السلسلة الأصلية، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما تتعلق بالأهداف، التقنية، والفلسفة:

• الفلسفة والمبادئ: يؤمن أنصار إيثريوم كلاسيك بمبدأ “كود البلوك تشين قانون لا يُكسر”، أي أنه لا يجوز تعديل السجل مهما كانت الأسباب. بينما يرى أنصار إيثريوم أن حماية المستخدمين واستعادة الثقة لها أولوية.
• التطوير والتحديثات: إيثريوم (ETH) تحظى بدعم كبير من المطورين وتقوم بتحديثات دورية لتحسين الأداء وإدخال ميزات جديدة مثل الانتقال إلى آلية إثبات الحصة (Proof of Stake). بينما إيثريوم كلاسيك لا تزال تعتمد على آلية إثبات العمل (Proof of Work)، مثل بيتكوين، ولا تحظى بنفس الزخم التطويري.
• الأمان والشعبية: شبكة إيثريوم تحظى بشعبية أكبر وقاعدة مستخدمين أوسع، وتستضيف الآلاف من التطبيقات اللامركزية (dApps). بالمقابل، تعاني شبكة إيثريوم كلاسيك من ضعف في الحماية، وتعرضت لعدة هجمات بنسبة 51% في السنوات الماضية.

استخدامات إيثريوم كلاسيك: هل لها مكان في السوق الرقمي؟

رغم التحديات التي واجهتها إيثريوم كلاسيك، فإن لها بعض الاستخدامات التي تجعلها ذات أهمية في بعض الأوساط:

• الاحتفاظ بالقيم الأخلاقية للبلوك تشين: بعض المستثمرين والمطورين يفضلون ETC لأنها تحافظ على مبادئ الشفافية وعدم التلاعب في التاريخ.
• تنفيذ العقود الذكية: لا تزال ETC تدعم العقود الذكية وتسمح ببناء التطبيقات اللامركزية، رغم أن الإقبال أقل مقارنة بإيثريوم.
• فرصة استثمارية: بسبب سعرها المنخفض مقارنة بـ ETH، يعتبرها بعض المتداولين فرصة للمضاربة على المدى القصير أو المتوسط، خاصة في فترات تقلب السوق.
• اللامركزية الحقيقية: يرى البعض أن ETC أكثر لامركزية من ETH، بسبب عدم وجود هيكل تنظيمي مركزي يقود التطوير كما هو الحال مع مؤسسة إيثريوم.

هل ETC استثمار جيد؟ مزايا ومخاطر يجب معرفتها

قبل التفكير في شراء إيثريوم كلاسيك كجزء من محفظتك الاستثمارية، من المهم فهم المزايا والمخاطر المرتبطة بها:

مزايا ETC:

• السعر منخفض نسبياً، مما يجعل الدخول إليها أسهل من العملات الأغلى مثل البيتكوين أو إيثريوم.
• فلسفة الحفاظ على البلوك تشين دون تعديل قد تجذب المستثمرين المهتمين بمبادئ التشفير الأصيلة.
• تعتمد على إثبات العمل، ما يجعلها جذابة للمعدنين الذين ما زالوا يفضلون هذه الآلية بعد انتقال ETH إلى إثبات الحصة.

مخاطر ETC:

• تعرضت سابقاً لعدة هجمات 51%، ما يشير إلى وجود ضعف أمني في الشبكة.
• حجم التداول أقل بكثير من العملات الكبرى، ما يجعلها عرضة لتقلبات كبيرة في الأسعار.
• الدعم التطويري محدود، وهناك مخاوف من عدم قدرتها على المنافسة مع مشاريع أكثر تطوراً.

مستقبل إيثريوم كلاسيك: إلى أين تتجه العملة؟

المستقبل المحتمل لإيثريوم كلاسيك لا يزال غامضاً، إذ يعتمد على عدة عوامل، مثل:

• مدى قدرتها على جذب المطورين: إذا استطاعت ETC جذب المزيد من المطورين والمستثمرين، فقد تشهد نمواً في استخدامها كمنصة للعقود الذكية.
• تعزيز الأمان: تحسين بنية الأمان وزيادة صعوبة الهجمات قد يعزز من ثقة المستخدمين في الشبكة.
• موجات السوق الصاعدة: في حال حدوث ارتفاعات عامة في سوق العملات الرقمية، قد تستفيد ETC من حركة المستثمرين الباحثين عن عملات بديلة منخفضة السعر.
• الهوية المستقلة: إن استطاعت ETC أن تقدم نفسها كمنصة مستقلة بأهداف مختلفة عن ETH، فقد تنجح في بناء قاعدة دعم جديدة.

كيف تشتري إيثريوم كلاسيك؟ وأين يمكن تخزينها؟

إذا قررت الاستثمار في ETC، إليك بعض الخطوات البسيطة:

• اختيار منصة تداول موثوقة
• إنشاء حساب وتفعيل الهوية: قم بتأكيد هويتك من خلال رفع المستندات المطلوبة حسب قوانين المنصة.
• إيداع الأموال: يمكنك الإيداع بالدولار أو أي عملة محلية، حسب خيارات المنصة.
• شراء ETC: بعد الإيداع، يمكنك شراء العملة بسهولة من خلال أوامر السوق.
• تخزين ETC بأمان

خاتمة: هل تستحق ETC اهتمامك؟

إيثريوم كلاسيك هي أكثر من مجرد عملة رقمية بديلة. إنها تمثل وجهة نظر فلسفية حول مستقبل البلوك تشين ومبادئه الجوهرية. وبينما يرى البعض أنها عملة من الماضي لم تستطع مجاراة منافسيها، يرى آخرون أنها منصة تحتفظ بأصالة البلوك تشين وتستحق المتابعة. في النهاية، تبقى ETC خياراً استثمارياً محفوفاً بالمخاطر، ولكنه قد يكون مغرياً لمن يؤمن بمبادئه ويعرف كيف يتعامل مع تقلبات السوق.