التوقيت: 2025-08-29 12:39 صباحًا
المدونة

ما حكم التداول بالحسابات الممولة؟

فهرس المحتويات

مع تزايد شهرة الحسابات الممولة في عالم التداول، أصبح كثير من المتداولين المسلمين يتساءلون عن الحكم الشرعي لهذه الحسابات: هل هي جائزة شرعاً أم أنها تحتوي على مخالفات شرعية تجعلها غير مقبولة؟ الإجابة ليست بسيطة، لأن الحسابات الممولة تختلف شروطها وقوانينها من شركة إلى أخرى. بعض الشركات قد تراعي ضوابط الشريعة الإسلامية، بينما أخرى تتعامل بأسلوب يتضمن شبهات ربا أو غرر أو قمار. لذلك، من المهم دراسة طبيعة هذه الحسابات بعمق لفهم الحكم الشرعي فيها.

ما هي الحسابات الممولة؟

الحساب الممول هو حساب يمنح المتداول رأس مال للتداول من أموال الشركة، مقابل التزامه بشروط معينة. الأرباح الناتجة يتم تقاسمها بين الشركة والمتداول بنسبة محددة (مثل 70% للمتداول و30% للشركة). الشركات عادة تطلب من المتداول دفع رسوم تقييم قبل منحه الحساب الممول، للتأكد من جديته وقدرته على التداول. فإذا التزم المتداول بالشروط وحقق الأرباح المقررة، فإنه يحصل على نسبة من تلك الأرباح.

الضوابط الشرعية العامة في التعامل المالي

قبل الحكم على الحسابات الممولة، لا بد أن نذكّر ببعض القواعد الأساسية في المعاملات المالية الإسلامية:

  • تحريم الربا: أي معاملة مالية تتضمن فائدة ثابتة على القروض أو الإيداعات تعتبر ربا محرّم.
  • تحريم الغرر والمقامرة: لا يجوز الدخول في معاملات يغلب عليها الجهل أو المراهنة على الحظ.
  • وجوب الملكية الحقيقية: لا يجوز بيع أو شراء ما لا تملكه فعليًا أو ما لا تملك الحق في التصرف به.
  • جواز المضاربة (المشاركة في الأرباح): الأصل في المضاربة جائز إذا اتفق الطرفان على نسبة ربح واضحة دون ضمان لرأس المال.

الجوانب الشرعية في الحسابات الممولة

عند تحليل الحسابات الممولة، نجد أن الحكم الشرعي يعتمد على عدة نقاط أساسية:

  • رسوم التقييم: إذا كانت رسوم التقييم مجرد أجرة خدمات مثل فتح الحساب أو اختبار مهارتك، فهي أقرب للجواز، أما إذا كانت الرسوم بمثابة رهان (خسارتها تعني خسارة المشاركة دون مقابل حقيقي) فقد يقترب الأمر من الميسر المحرّم.
  • طريقة تقاسم الأرباح: إذا كانت الأرباح تقسم بنسبة محددة مسبقاً (مثل 70% للمتداول و30% للشركة) فهذا يدخل في باب المضاربة المباحة، أما إذا فرضت الشركة عمولات أو فوائد ربوية، فهذا غير جائز.
  • إدارة المخاطر: بعض الشركات تفرض على المتداول قيوداً صارمة مثل حد الخسارة اليومي، وهذه لا تخالف الشريعة، لكن لو فرضت الشركة فوائد أو عمولات إضافية على الصفقات المفتوحة (Swap) فهي تعد مخالفة شرعية.
  • ملكية العقود: إذا كان التداول بعقود مشتقات (CFDs) بدون تملك حقيقي للأصل، فإن بعض العلماء يرون فيها شبهة غرر، بينما آخرون يجيزونها إذا كانت المضاربة واضحة والاتفاق شفاف.

هل توجد حسابات ممولة متوافقة مع الشريعة الإسلامية؟

نعم، بعض الشركات بدأت تقدم ما يُعرف بـ الحسابات الإسلامية، حيث:

  • لا تفرض فوائد ربوية (Swap-free accounts).
  • تحدد فقط نسب مشاركة في الأرباح والخسائر.
  • تتيح للمتداول الالتزام بالقواعد دون أن يدخل في شبهات محرمة.

لكن المشكلة أن هذه الشركات قليلة، ويجب التأكد بدقة من شروط العقد قبل الانضمام إليها.

آراء العلماء والهيئات الشرعية

بعض العلماء يعتبر الحسابات الممولة جائزة إذا كانت تقوم على المضاربة الشرعية (شركة تقدم رأس المال والمتداول يقدم الجهد والخبرة)، آخرون يحذرون من بعض الممارسات مثل الرسوم التي قد تُشبه المقامرة، أو العقود المشتقة غير المبنية على ملكية حقيقية، الهيئات الشرعية المالية تنصح بالتأكد من أن الشركة تقدم حسابات خالية من الفوائد الربوية وأي شروط غير عادلة.

نصائح للمتداول المسلم قبل فتح حساب ممول

إذا كنت ترغب في التداول بحساب ممول وتريد الالتزام بالضوابط الشرعية، فعليك اتباع بعض الخطوات:

  • اقرأ العقد بعناية: لا توافق إلا بعد التأكد من خلوه من أي شرط ربوي أو غير عادل.
  • اختر حساباً إسلامياً: إذا كان متوفراً، فهو الخيار الأكثر أماناً.
  • استفسر من الشركة: اطلب توضيحاً كتابياً حول مسألة الفوائد (Swap) أو العمولات.
  • استشر عالماً شرعياً: في حال وجود شكوك، استشر متخصصاً في الفقه المالي الإسلامي.
  • لا تنجر وراء الوعود: بعض الشركات تروّج لأرباح خيالية، وهذا قد يكون باباً للغرر والمقامرة.

الخاتمة

الحكم الشرعي عند التداول في الحسابات الممولة ليس مطلقاً، بل يعتمد على شروط الشركة وطبيعة العقد. فإذا كانت قائمة على المضاربة الشرعية الخالية من الربا والغرر، فهي جائزة. أما إذا تضمنت فوائد أو شبهات مقامرة، فهي غير جائزة. لذلك، على المتداول المسلم أن يتحرى الدقة قبل الاشتراك في أي برنامج حساب ممول، وأن يختار الشركات التي تقدم حسابات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. فالمال أمانة، والالتزام بالضوابط الشرعية يحفظ رزقك ويبارك في تجارتك.

Picture of محمد سمير

محمد سمير

باحث في مجالات الاقتصاد الكلي وتداول الأسهم، يهتم بتقديم محتوى عميق وتحليلي يغطي الأخبار المالية والتقارير الاقتصادية المهمة. يتميز محمد بقدرته على الربط بين الأحداث العالمية وتأثيرها على السوق، مما يضيف بعداً تحليلاً قوياً للمحتوى الذي يقدمه.
شارك المقال لتعم الفائدة
مواضيع ذات علاقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: محتوى محمي. النسخ ممنوع.