في السنوات الأخيرة، أصبح تطبيق تيليجرام بيئة خصبة لانتشار مجموعات وقنوات متخصصة في التداول. وبينما ينجذب الكثيرون للانضمام بحثاً عن فرص استثمارية مربحة، برزت ظاهرة جديدة تعرف باسم بونص التداول. يتم الترويج لها على أنها هدية مالية مجانية تمنحك فرصة لبدء التداول دون إيداع، لكن الواقع مختلف تماماً. هذه العروض التي تبدو مغرية سرعان ما تتحول إلى فخ نصب بونص التداول الذي تقوده شركات التداول النصابة، ليقع المستثمر المبتدئ في خسائر ضخمة.
كيف يتم الترويج لبونص التداول على تيليجرام؟
تبدأ القصة غالباً بإعلان في قناة عامة أو رسالة خاصة تصل للمستخدم. الإعلان يبدو احترافياً ويعد بالحصول على “بونص” يصل إلى 100 دولار أو أكثر بمجرد التسجيل. آلية الترويج تتضمن عدة عناصر أساسية:
- شعارات براقة: مثل “ابدأ التداول مجاناً”، “فرصة العمر”، “اربح دون أي مخاطرة”.
- قصص نجاح مزيفة: يتم نشر صور لشاشات تداول توضح أرباحاً سريعة بفضل البونص.
- روابط مباشرة: يقود الرابط المستخدم إلى مواقع تداول غير معروفة أو شركات مدرجة ضمن القائمة السوداء لشركات التداول النصابة.
- محادثات وهمية: في القنوات يتم عرض محادثات لأشخاص يزعمون أنهم حققوا أرباحاً كبيرة من البونص.
كل هذه الخطوات مدروسة بدقة لإقناع الضحية بأنه أمام فرصة آمنة ومضمونة، بينما هي في الحقيقة جزء من نصب بونص التداول.
ما الذي يحدث بعد الحصول على البونص؟
الخطوة التالية تكون أخطر، حيث يكتشف المستخدم أن بونص التداول النصاب ليس هدية حقيقية بل فخ مشروط.
- يُسمح له بالدخول في صفقات باستخدام البونص، لكنه لا يستطيع سحب الأرباح إلا بعد إيداع مبلغ شخصي.
- تُفرض شروط مثل التداول بعدد عقود ضخمة، وهي شروط شبه مستحيلة التحقيق.
- بمجرد الإيداع، تبدأ المنصة في التلاعب بالصفقات حتى يخسر المستخدم رصيده بالكامل.
- عند المطالبة بسحب الأموال، يُواجه بتعقيدات بيروقراطية أو يُطلب دفع رسوم إضافية.
النتيجة النهائية: خسارة رأس المال بالكامل، بينما يظل البونص مجرد واجهة لخداع المستثمرين.
لماذا ينجذب الناس لهذه العروض؟
من السهل أن نقول إن هذه العروض مكشوفة، لكن الواقع أن آلاف الأشخاص يقعون ضحايا يومياً. السر يكمن في عدة عوامل نفسية واجتماعية:
- الإغراء بالشيء المجاني: كلمة “هدية” أو “بونص” تخلق دافعاً قوياً للتجربة.
- غياب الخبرة: المبتدئون في التداول لا يعرفون تفاصيل مثل التراخيص أو الشروط المخفية.
- التوقيت المثالي: غالباً ما تستهدف شركات التداول النصابة أشخاصاً فقدوا أموالاً سابقاً ويبحثون عن تعويض سريع.
- الثقة في المنصة: مجرد وجود القناة على تيليجرام يمنح انطباعاً زائفاً بالمصداقية.
تجارب واقعية لضحايا بونص التداول
قصص الضحايا كثيرة وتكشف الجانب المظلم لهذه الظاهرة.
- م.ج / مصر: تلقى عرضاً عبر تيليجرام بالحصول على بونص 200 دولار. بعد أن بدأ التداول، قيل له إنه لا يستطيع السحب إلا بعد إيداع 1000 دولار. أودع المبلغ وخسره خلال أيام.
- س.ع / السعودية: انضم لمجموعة تعرض بونص التداول النصاب. بعد أن فقد أمواله، حاول التواصل مع جهة تدعي تقديم خدمات قانونية لاسترجاعها، لكنه اكتشف لاحقاً أنها من مواقع المحامين النصابين.
- هـ.ن / الإمارات: حصل على بونص 50 دولار، لكن الأرباح الوهمية التي ظهرت على حسابه اختفت بمجرد أن رفض الإيداع الإضافي.
أساليب الاحتيال المرتبطة ببونص التداول
وراء هذه العروض تقف شبكات منظمة تعرف جيداً كيف تستغل الثغرات النفسية والقانونية:
- التلاعب بالشروط: وضع شروط معقدة تجعل من المستحيل سحب الأرباح.
- الإيهام بالأرباح: إظهار صفقات رابحة في البداية لإقناع الضحية بالاستثمار أكثر.
- المراهنة على الجهل القانوني: استغلال عدم معرفة المستثمر بجهات الترخيص أو تحذيرات شركات التداول النصابة.
- الضغط النفسي: عبر رسائل متكررة مثل “العرض سينتهي قريباً” أو “الفرصة لا تعوض”.
كيف تحمي نفسك من هذا الفخ؟
الحماية تبدأ بالوعي وتجنب الوقوع في نفس السيناريو. خطوات بسيطة لكنها فعالة:
- لا تثق في أي عرض بونص تداول على تيليجرام يقدم أرباحاً مجانية دون شروط واضحة.
- تحقق دائماً من ترخيص الشركة في الهيئات الرسمية.
- تجنب التسجيل عبر روابط مجهولة في قنوات تيليجرام.
- لا تدفع أي مبالغ إضافية بحجة تفعيل البونص أو سحب الأرباح.
- إذا وجدت الشركة ضمن القوائم السوداء لشركات التداول، ابتعد فوراً.
خاتمة
ظاهرة بونص التداول على تيليجرام تكشف جانباً جديداً من أساليب النصب الحديثة. ورغم أن العرض يبدو جذاباً، إلا أنه في الغالب مجرد وسيلة من وسائل شركات التداول النصابة لسرقة أموال المستثمرين. الحقيقة البسيطة هي: لا توجد هدايا مجانية في عالم التداول. وكلما كان العرض مبالغاً فيه وبلا مبرر، كان احتمال كونه عملية نصب بونص التداول أكبر. إذا صادفت عرضاً مشبوهاً، تحقق من التراخيص أولاً وشارك تجربتك لتحذير الآخرين.
