المدونة

تأثير قرارات البنوك المركزية على أداء المؤشرات

تأثير قرارات البنوك المركزية على أداء المؤشرات

تعتبر البنوك المركزية مثل البنك الفيدرالي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) والبنك المركزي الأوروبي محور اهتمام الأسواق حول العالم. فهي تتخذ القرارات التي تؤثر على سعر الفائدة والنطاق المستهدف للتضخم والنمو الاقتصادي. هذه القرارات لها تأثير مباشر على الأسواق والمؤشرات مثل سوق الأسهم والناتج المحلي والنفط وعوائد السندات.

في هذا المقال، سنتناول تأثير هذه القرارات على الأسواق بشكل تفصيلي وعميق. كذلك، سنبين لك كيفية استخدام بيانات البنوك المركزية للتوقعات والتحليلات التي تساعد المستثمرين على اتخاذ القرارات السليمة في الأوقات الحسّاسة التي تتغير فيها الأوضاع الاقتصادية والنقدية.

ما هي قرارات البنوك المركزية وكيف تؤثر على الأسواق؟

البنوك المركزية مثل البنك الفيدرالي الأمريكي ( الاحتياطي الفيدرالي) والبنك المركزي الأوروبي تلعب دور صانع السياسات النقدية في العالم. يتمثل عمل هذه البنوك في مراقبة الأوضاع الاقتصادية والنقدية داخلياً وعالمياً للتدخل في الأوقات التي يستدعي الأمر تغيير سياستها للتوازن بين التضخم والنمو.

فعندما يلاحظ البنك المركزي أن التضخم يتسارع ويتجه إلى الخروج على حدود الأهداف المعلنة للتضخم والنمو، فإنه يتدخل عبر تغيير سياسته النقدية إما برفع الفائدة للتقليل من الاقراض والنطاق التوسعي في الأسواق، أو بخفض الفائدة لتوفير سيولة تساعد على الاقراض والنمو. هذه التغيرات تؤثر على تكلفة الاقراض والنطاق الائتماني والنفاذ إلى السيولة في الأسواق.

كما تؤثر على آلية تسعير الأصول مثل الأسهم والسندات والنفط والنقد الأجنبي (مثل الدولار اليورو) نظراً للتغير في العوائد والنطاقات التي يتم تسعير الأصول ضمنها.

كيفية تأثير تغيير الفائدة على أداء الأسواق والمؤشرات

يمكن تلخيص تأثير تغيير الفائدة على الأسواق ضمن نقطتين محوريتين:

رفع الفائدة

عندما يرفع البنك المركزي الفائدة على الاقراض فإنه يزيد تكلفة الاقراض على الشركات والأفراد.

هذه الزيادة تؤثر على قدرات الشركات على الاقراض للتوسع والنمو، ويؤثر على أرباح الشركات التي تحتاج إلى تمويل داخلي للتوسع.

كما تؤثر على الأفراد الراغبين في الاقراض للتنزيلات مثل شراء المنازل والسيارات.

هذه الأوضاع تؤدي لاحقاً إلى ضغط على أرباح الشركات والناتج والنمو الاقتصادي، ويؤثر ذلك على الأسواق في صورة هبوط في الأسعار بسبب التوقعات السلبية للتدفقات النقدية في المستقبل.

كما يزيد رفع الفائدة العائد على السندات، فيتجه المستثمرون إلى شركات تداول السندات بدلاً من شركات تداول الأسهم نظراً لانعدام المخاطرة في السندات مقارنة بالأسهم.

خفض الفائدة

عندما يخفض البنك المركزي الفائدة فإنه يخفّض تكلفة الاقراض على الأفراد والشركات.

ذلك يساعد على التوسع والنمو ويحفّز الاقراض والنطاق الائتماني في الأسواق.

كما يزيد الاقبال على الاقراض بسبب سهولة الاقتراض ورخص التكلفة، ويؤثر على أرباح الشركات والناتج والنمو الاقتصادي.

نتيجة لذلك تشهد الأسواق صعوداً بسبب التوقعات الإيجابية للتدفقات النقدية والنمو في أرباح الشركات في المستقبل.

كما يتم الاقبال على الأصول مثل الأسهم و شركات تداول النفط على حساب السندات التي يتراجع عائدها بسبب الخفض في الفائدة.

قرارات التضخم والناتج ضمن سياق الأسواق

نسبة التضخم والناتج المحلي أمران مهمان ضمن سياق تحديد سياسة البنك المركزي.

فعندما يصل التضخم إلى حدود غير مقبولة — على سبيل المثال يتسارع التضخم بسبب ارتفاع الأسعار والنفط والمواد الأولية — يضطر البنك إلى رفع الفائدة لكبح جماح التضخم والحفاظ على القوة الشرائية للعملة.

كما يتم مراقبة بيانات الناتج المحلي الإجمالي (GDP) للتأكد من أن الاقتصاد يتمدد ضمن حدود آمنة دون التسبب في ركود لاحق بسبب انكماش الاقراض والنطاق التمويلي.

هذه الأرقام تساعد على تحديد ما إذا كان البنك سيواصل سياسته التوسعية في الاقراض والنطاق التمويلي، أو سيضطر إلى تشديد سياسته لكبح التضخم والنمو غير المستقر.

هكذا يتم التوازن بين نمو الاقراض والناتج والنطاق التمويلي دون التسبب في تضخم مفرط ولا ركود اقتصادي.

كيفية استخدام بيانات قرارات البنوك المركزية للتوقعات والتحليلات

يمكن للمستثمرين استخدام بيانات مثل التضخم والناتج والنطاق المستهدف للتضخم للتوقع حول خطى البنك المركزي التالية.

فعندما يتم نشر بيانات التضخم والناتج ضمن التوقعات التي رسمها صانعو السياسات، يتم تسعير الأصول بناء على تلك التوقعات دون تقلبات قوية.

ولكن إذا أتت الأرقام أعلى التوقعات بكثير، مثل التضخم غير المتوقع والناتج الأقوى، فهذا يزيد احتمال رفع الفائدة لاحقاً ويؤثر على الأسواق فور نشر الأرقام.

كما أن بيانات التوظيف والناتج الصناعي تساعد على قياس القوة الكامنة في الاقتصاد والنطاق التوظيفي، ما يتيح للمستثمرين بناء رؤية شاملة للتغيرات التي قد تطرأ على سياسته لاحقاً.

يمكن للمضاربين أن يستغلوا هذه المعلومات للتنبوء بحركة الأسواق على الأجل القصير، في حين يستعمل المستثمرون على الأجل الطويل هذه البيانات لتقدير التغيرات الجوهرية في الأصول على مدار عدة أرباع.

نصائح للمستثمرين للتعامل مع بيانات قرارات البنوك المركزية

  • حتى يتم اتخاذ قرارات استثمارية سليمة عند صدور بيانات البنوك المركزية يجب على المستثمر أن:
  • يتابع الأجندات التي يعلن عنها البنك الفيدرالي الأمريكي والنطاقات التي يستهدفها للتضخم والناتج والنطاق التوظيفي.
  • يقوم بتحليل بيانات التضخم والناتج للتوقعات المستقبلية للتغيرات في الفائدة والنطاق الائتماني والنقدي.
  • يستعمل التحليل الفني للتوقيت عند الاقتناء والبيع للتقليل من الخسارات في الأوقات غير المستقرة.
  • ينوع الأصول ضمن محفظته لتقليل الخسارة في حال تقلب الأسواق بسبب بيانات غير متوقعة.

هذه النصائح تساعد على اتخاذ القرارات ضمن سياق مدروس وليس عشوائي.

الخاتمة

يبقى تأثير قرارات البنوك المركزية على الأسواق محور اهتمام المستثمرين حول العالم.

فالبنك المركزي يتمتّع بأداة قوية للتدخل في الأسواق وتوفير التوازن بين التضخم والنمو والنطاق التوظيفي والنقد في الأسواق.

ومن خلال مراقبة بيانات التضخم والناتج والنطاق التوظيفي والنطاق التمويلي التي يصدرها البنك المركزي، يتم بناء التوقعات التي تساعد على اتخاذ القرارات السليمة في الأوقات الحسّاسة التي تتغير فيها الأوضاع الاقتصادية والنقدية.

Picture of اسلام محمد

اسلام محمد

متخصص في المحتوى المالي وأسواق الخليج، يركز في كتاباته على كل جوانب الاستثمار بما فيها المتوافقة مع الشريعة. يقدم إسلام محتوى غني بالمعلومات الاقتصادية المعتمدة وكما ويعتبر من كتاب الأخبار الرئيسيين في المراقب.

شارك المقال لتعم الفائدة

مواضيع ذات علاقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: محتوى محمي. النسخ ممنوع.