منصة VSA ظهرت في مصر كتطبيق رقمي يروج لنفسه على أنه مشروع استثماري إلكتروني، يتيح للمستخدمين تحقيق أرباح يومية مقابل تنفيذ مهام بسيطة مثل مشاهدة الإعلانات أو دعوة مستخدمين جدد. قدمت المنصة نفسها على أنها تعمل بشكل قانوني، بل وزعمت امتلاك مقرات رسمية في جميع المحافظات المصرية، تحت إشراف الجهات الرقابية. مدعومة بحملات دعائية واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشهادات مزيفة من ما يُسمى بـ”الدعم الفني”، تمكنت المنصة من جذب آلاف المستخدمين خلال فترة زمنية قصيرة.
أرباح يومية زائفة ونموذج هرمي خادع
اعتمدت VSA على نظام يُشبه التسويق الشبكي، من خلال مستويات متعددة من الأرباح تبدأ من 40 جنيهاً يومياً في المستوى الأول V1 وتصل إلى 8000 جنيه في المستوى السادس V6. لكن الشرط الأساسي لتحقيق هذه الأرباح كان تنفيذ المهام اليومية أو إحالة مستخدمين جدد.
تدريجياً، بدأت تظهر مؤشرات الاحتيال؛ تم حظر حسابات عشوائية، وفُرضت رسوم على عمليات السحب، حتى جاءت اللحظة الحاسمة في يوليو 2025 حين توقفت جميع خدمات المنصة فجأة، تاركة خلفها آلاف الضحايا دون استرداد أموالهم.
شهادات حقيقية تكشف الخديعة
ضحايا من مختلف المحافظات كشفوا حجم الكارثة:
- احد الضحايا أفاد بأن المنصة طلبت منه دفع 2000 جنيه لفك حظر حسابه، بينما أشار إبراهيم عبد الفتاح إلى أن مجموعته المكونة من 13 شخصًا فقدت أكثر من 44 ألف جنيه.
- وأخرى أكدت أن ممثلي المنصة خدعوها بوجود مقرات ومشرفين رسميين، لكن اتضح لاحقًا أن كل ذلك كان وهماً.
في حادثة لافتة، نظمت المنصة حفلاً ترويجياً ضخماً بمنطقة سقارة جنوب القاهرة قبل أيام من الإغلاق، وُزعت فيه هدايا على الحاضرين، وطمأن المسؤولون الجميع بأن “الأرباح ستزيد”، لكن لم تمر سوى أيام حتى اختفت المنصة، وتوقفت جميع الحسابات، واختفى المسؤولون تماماً.
حجم الكارثة: مليارات مهدرة
بحسب تصريحات المحامية نهى الجندي، يقدر حجم الأموال التي جمعتها المنصة مبدئياً بنحو 3 مليارات جنيه مصري. وأشارت إلى أن معظم التعاملات تمت عبر محافظ إلكترونية، ما أعاق تتبع الأموال في المراحل الأولى. وقد تم تقديم بلاغات رسمية، ويتم حالياً تتبع المحافظ المرتبطة بالمتهمين، الذين استغلوا أعذاراً مثل “حريق سنترال رمسيس” وانقطاع الإنترنت لتبرير توقف المنصة.
أساليب تهديد وخداع مستمرة
رغم إغلاق المنصة، لم تتوقف عمليات الاحتيال. حيث تلقى الضحايا رسائل تُهددهم بفقدان رصيدهم ما لم يؤكدوا بياناتهم، في محاولات جديدة لجمع بيانات أو أموال إضافية. ويشبه هذا النمط الاحتيالي ما حدث في فضيحة منصة FBC، التي استولت على أموال أكثر من مليون شخص، حيث اتبعت VSA نفس النهج القائم على تقديم أرباح مبدئية، ثم منع السحب، ثم الاختفاء التام.
تحذير موقع المراقب من الشركة
أصدر موقع المراقب المتخصص في تحليل ومتابعة المنصات المالية، تحذيراً مبكراً من منصة VSA، مؤكدًا أنها غير مرخصة، وتستخدم نموذجاً هرمياً قائماً على الإغراءات الوهمية. وأشار الموقع إلى أن المنصة لا تخضع لأي جهة رقابية مصرية، وأن أرباحها المزعومة غير قابلة للتحقق، داعياً المستخدمين لتوخي الحذر وتجنب الإيداع في مثل هذه التطبيقات غير القانونية.
تحرك أمني وقضائي
بدأت الأجهزة المختصة في وزارة الداخلية تحقيقات موسعة بعد تلقيها عشرات البلاغات من المواطنين. وباشرت نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال تحقيقاً رسمياً في القضية، حيث استمعت لأقوال 57 مجنياً عليهم، بإجمالي مبالغ تجاوزت 2.6 مليون جنيه. كما تم ضبط 23 متهماً بحوزتهم هواتف وشرائح ومحافظ إلكترونية، تُستخدم لاستلام الأموال. وكشفت التحقيقات عن وجود مخطط محكم لاستدراج الضحايا من خلال أرباح مبدئية زائفة، ثم إجبارهم على دعوة آخرين، ما يعزز صورة وهمية عن نجاح المنصة.
الدروس المستفادة والتحذيرات
خبراء الأمن السيبراني شددوا على ضرورة توخي الحذر عند التعامل مع أي منصة رقمية لا تحمل ترخيصاً واضحاً من جهات رسمية مثل هيئة الرقابة المالية أو البنك المركزي المصري. ودعت النيابة العامة المواطنين إلى عدم الانسياق وراء الإعلانات المضللة المنتشرة على مواقع التواصل، والتي تهدف في حقيقتها إلى الاستيلاء على أموالهم.
لماذا تُصنف منصة VSA على أنها منصة نصابة؟
- لا تملك أي ترخيص قانوني حقيقي.
- تعتمد على خداع الضحايا بالتسويق الكاذب.
- ترفض عمليات السحب بشكل ممنهج.
- تستخدم منصات تداول مزيفة وغير شفافة.
- تخفي مقرها الحقيقي وهويتها المؤسسية.
- توجد عشرات الشكاوى الحقيقية من ضحايا خسروا أموالهم بسببها.
خاتمة
قضية منصة VSA تكشف مجدداً عن حجم التهديد الذي تمثله التطبيقات غير المرخصة في البيئة الرقمية المصرية. ومع تكرار هذا النوع من الجرائم الإلكترونية، يصبح وعي المستخدم هو خط الدفاع الأول. أي عرض استثماري يعد بعوائد يومية وسريعة يجب أن يُقابل بالتشكيك والتحقق، لا بالاندفاع. التحقيقات مستمرة، لكن الدرس واضح: لا توجد أرباح سهلة في عالم الاستثمار الحقيقي، وأي منصة لا تملك شفافية وترخيصاً رسمياً يجب التعامل معها كتهديد مباشر لأموالك.