تأسس موقع h5.globtfx.com، والذي يُعرف أيضاً بأسماء أخرى مثل GTFX أو Wheoo/Wealth Engine، في أواخر عام 2024. وقد تم تسجيله بشكل خاص باستخدام خدمة إخفاء بيانات WHOIS، وهي خطوة تعني أن هوية المالكين الحقيقيين للموقع غير معلنة للعامة. هذا الأسلوب في التسجيل يُعد مؤشراً سلبياً في عالم التداول الرقمي، حيث يفضل أن تكون الشركات المالية شفافة فيما يخص معلوماتها القانونية والإدارية، لا سيما إن كانت تتعامل بأموال المستثمرين.
تدعي المنصة أنها خاضعة لرقابة هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، وتزعم أنها تملك ترخيصاً باسم GLOBTFX PTY LTD. إلا أن مصداقية هذا الترخيص باتت محل شك كبير، خاصة في ظل التقارير المستقلة التي تشير إلى عدم وجود سجل واضح أو رسمي يُثبت تبعيتها القانونية فعلياً لهيئة ASIC، ما يفتح الباب أمام احتمالية أن تكون تلك الادعاءات مجرد محاولة لإضفاء طابع زائف من الثقة على نشاطها.
انهيار مفاجئ وخطة تعويض زائفة تكشف المستور
في الثاني من فبراير 2025، تعرض أحد الفرق الاستثمارية لصدمة عنيفة أثناء لحظة حاسمة في التداول على منصة GlobTFX. فبينما كانت الأسواق في قمة نشاطها، توقف نظام المنصة فجأة عن العمل لمدة تجاوزت الساعة والربع، ما أدى إلى فقدان الفريق كامل أمواله خلال هذه الفترة دون أي تحذير أو تفسير منطقي.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، قدمت المنصة ما وصفته بـ”خطة تعويض”، تضمنت منح المتضررين فرصتي تداول في يوم واحد لتعويض الخسائر. إلا أن هذه الخطة كانت، في حقيقتها، مجرد خدعة أخرى. فمعظم أعضاء الفريق كانوا قد خسروا بالفعل كل أرصدتهم، وما تبقى لم يكن كافياً للقيام بأي تداول فعلي. وقد بدا واضحاً أن الغرض من هذه الخطة لم يكن إنصاف الضحايا، بل استدراجهم لإيداع أموال إضافية تحت وعود زائفة.
وعوضاً عن المعالجة، استمرت الأعطال، وتكررت مشكلات السحب، ما أدى إلى خسائر متفاوتة بين أفراد الفريق، حيث خسر بعضهم ما يقارب 150 دولاراً، بينما تجاوزت خسائر البعض الآخر 300 دولار. ومع نهاية التجربة، أدرك الفريق أن ما سُمي بخطة التعويض لم يكن سوى غطاء لمحاولة ابتزاز مالي إضافي، ضمن مخطط احتيالي واسع النطاق.
تعويض جزئي مشروط يكشف أساليب المراوغة
في تحول مفاجئ، أشار أحد المستثمرين المتضررين من منصة GlobTFX في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تلقي تعويض جزئي بنسبة 50% من قيمة خسائره. وقد جاء في منشوره عبارات شكر وامتنان لكل من ساعد في التوصل إلى هذا “الحل”، قائلاً:
“الحمد لله تم تعويضنا من المنصة العالمية GlobTFX، شكراً لكل من وقف معنا، شكراً لـGlobTFX على المجهودات الجبارة التي بُذلت لاحتواء الأزمة والخروج بحل يرضي جميع الأطراف. حظاً سعيداً للجميع.”
ورغم أن المنشور حمل نبرة تفاؤل، إلا أن التفاصيل التي تلت هذا الإعلان كشفت واقعاً أكثر تعقيداً ومقلقاً للغاية. فالأموال التي تم “تعويضها” لم تُحول فعلياً إلى حسابات بنكية أو محافظ خارجية، بل بقيت داخل المنصة ذاتها، مما يعني أن السيطرة على هذه المبالغ ما تزال بيد GlobTFX. ولم تكتفِ المنصة بذلك، بل فرضت شروطاً إضافية غريبة على المستثمرين، كان أبرزها أن رأس المال الأساسي لا يمكن سحبه مباشرة، بل يظل محجوزاً لفترة تصل إلى 100 يوم. أما المبالغ القابلة للسحب فهي فقط الأرباح الناتجة عن صفقات تداول يُعتقد أنها وهمية مما يجعل عملية الاستفادة الحقيقية من هذه الأموال شبه مستحيلة. هذه الخطوة التي بدت في ظاهرها محاولة لحل الأزمة، تبين لاحقاً أنها كانت جزءاً من أسلوب ممنهج لامتصاص الغضب، وإعطاء المستثمرين وهم السيطرة، بينما تستمر المنصة في الإبقاء على أموالهم داخل النظام المغلق الذي تتحكم فيه بشكل كامل.
ردود احتيالية من المنصة
عند تصاعد شكاوى المستثمرين، لجأت GlobTFX إلى عدة أساليب للتهرب من المسؤولية، أبرزها:
- الادعاء بوجود أعطال تقنية: تعذر تسجيل الدخول وسحب الأموال بسبب “مشكلات فنية”.
- الزعم بتعرض لهجمات إلكترونية: تبرير توقف المنصة بهجمات من قراصنة.
- التجاهل والمماطلة: عدم الرد على استفسارات الضحايا ورفض تقديم أي تعويض مالي حقيقي.
هذه الأساليب تركت المستثمرين في موقف ضعيف، دون إمكانية سحب أموالهم أو الحصول على دعم فعلي.
الأدلة التي تثبت احتيال الشركة؟
تعتمد منصة GlobTFX على عدة أساليب احتيالية للإيقاع بالمستثمرين وسرقة أموالهم، من بينها:
- وعود زائفة بعوائد غير منطقية: تدعي المنصة أنها توفر أرباحاً ثابتة تتراوح بين 3% و4% يومياً، وهي نسب مستحيلة في أي سوق شرعي. تستخدم حملات ترويجية مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي، غالباً من خلال حسابات مزيفة أو ضحايا سابقين تم خداعهم لإقناع مستثمرين جدد.
- نموذج خداعي قائم على إيداعات المستخدمين الجدد: تطلب من المستخدمين إيداع حد أدنى قدره 30 USDT للمشاركة في ما يسمى بـ”التداول الكمي”، لا يوجد أي تداول فعلي؛ بل يتم فقط تدوير الأموال داخل المنصة لإيهام المستثمرين بالأرباح، تعتمد على نموذج بونزي، حيث تُمول الأرباح من أموال الإيداعات الجديدة وليس من نشاط استثماري حقيقي.
- التلاعب التقني لعرقلة عمليات السحب: تعطل متكرر للمنصة أثناء محاولات السحب، إلغاء طلبات السحب بدون أسباب منطقية، حظر الوصول إلى الحسابات بشكل مفاجئ ودون مبرر.
ورغم التغييرات الشكلية التي أعلنت عنها المنصة، لا يزال رأس المال محجوزاً، والمستثمرون مضطرون للانتظار 100 يوم دون ضمان حقيقي باسترجاع أموالهم.
تحذير رسمي من موقع المراقب بشأن GlobTFX
أصدر موقع المراقب المختص بمتابعة شركات التداول وتحليل مصداقيتها، تحذيراً صريحاً ضد منصة GlobTFX، مؤكداً أنها غير مرخصة وتستخدم أساليب مشبوهة للإيقاع بالمستثمرين. وأشار الموقع إلى أن المنصة تعتمد على وعود كاذبة بعوائد مرتفعة، وتُمارس التلاعب الفني لعرقلة عمليات السحب، ما يجعلها ضمن قائمة المنصات التي يُشتبه بقوة في تورطها في أنشطة احتيالية ممنهجة.
كيف تحمي نفسك من منصات النصب مثل GlobTFX؟
لتجنب الوقوع ضحية لعمليات الاحتيال المالي ، اتبع الإرشادات التالية:
- لا تثق بأي منصة تعدك بعوائد يومية ثابتة وسريعة، فهذه الوعود غالباً ما تكون غير واقعية.
- تحقق دائماً من التراخيص عبر جهات رقابية موثوقة مثل موقع المراقب قبل اتخاذ أي قرار استثماري.
- إذا تعرضت للخداع، لا تبقَ صامتاً. أبلغ فوراً عن المنصة للجهات المختصة أو المنصات التوعوية لحماية الآخرين ومنع تكرار الاحتيال.
خاتمة
تكشف منصة GlobTFX عن نموذج احتيالي ممنهج يختبئ خلف واجهات رقمية براقة ووعود استثمارية زائفة. من خلال استخدام أسماء وهمية، وتراخيص مشكوك فيها، وأساليب تقنية للتهرب من عمليات السحب، تمكنت من خداع عدد كبير من المستثمرين في العالم العربي. إن التوعية بمخاطر هذه المنصات والحرص على التحقق من التراخيص عبر مصادر موثوقة يمثلان خط الدفاع الأول لحماية أموالك. لا تنخدع بالإعلانات، وكن دائماً يقظاً عند التعامل مع أي جهة مالية غير معروفة.