شهد عام 2025 حالة غير مسبوقة في حركة رؤوس الأموال العالمية، حيث تدفقت السيولة بشكل قياسي نحو الذهب والسندات والأسهم في وقت واحد، في ظاهرة وصفتها المؤسسات المالية بأنها “كل شيء وعكسه”. وأشارت بيانات بنك أوف أميركا إلى أن صناديق الأسهم جذبت نحو 693 مليار دولار منذ بداية العام، لتسجل ثالث أعلى تدفق تاريخي، بينما استقطبت صناديق النقد أكثر من 1.1 تريليون دولار، وهو ثاني أكبر تدفق على الإطلاق. كما بلغت التدفقات نحو السندات ذات التصنيف الاستثماري 415 مليار دولار، وارتفعت مشتريات الذهب إلى مستوى قياسي بلغ 108 مليارات دولار، في ظل بحث المستثمرين عن الأمان وسط اضطرابات اقتصادية عالمية.
ويرى المحللون أن الارتباك في السياسات الأميركية، وخاصةً المتعلقة بالتجارة والضرائب وأسعار الفائدة، كان في قلب هذا التحول غير المعتاد. فقد أدى إغلاق الحكومة الأميركية وتأخر صدور البيانات الاقتصادية إلى خلق حالة من الغموض دفعت المستثمرين إلى تنويع محافظهم الاستثمارية بشكل لم تشهده الأسواق منذ عقود. وفي الوقت ذاته، ساهم الإنفاق المتزايد على الذكاء الاصطناعي في دعم ارتفاعات الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية، بينما تراجعت عوائد السندات نتيجة لانخفاض تكاليف الاقتراض عالمياً.
ووفقاً لمحلل الاقتصاد الكلي في غولدمان ساكس بوبي مولافي، فإن السوق يعيش مرحلة “ما بعد الحداثة” حيث تفقد العلاقات التقليدية بين الأصول معناها. فبينما كان المستثمرون يلجأون تاريخياً إلى الذهب في أوقات ضعف الأسهم، فإن عام 2025 كسر هذه القاعدة تماماً، مع صعود الذهب والأسهم والسندات في وقت واحد، ما يعكس مزيجاً من القلق والفرص في النظام المالي العالمي.