التماثل Equal Countervalue (Equality in Measure and Weight) في التجارة الإسلامية هو أحد الضوابط الشرعية التي تُطبق في بيع الأموال الربوية، مثل الذهب والفضة والعملات، حيث يُشترط أن يكون العوضان المتبادلان متساويين في المقدار عند البيع إذا كانا من نفس الجنس، وذلك لتجنب الوقوع في الربا. التماثل يعني أن يكون هناك تساوٍ كامل في الكمية أو الوزن عند تبادل السلع أو العملات المتشابهة، مثل بيع ذهب بذهب أو عملة نقدية بنفس العملة، دون وجود زيادة أو نقصان لأي طرف.
يستند شرط التماثل إلى حديث النبي ﷺ: “الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والملح بالملح، والشعير بالشعير، مثلاً بمثل، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد” (رواه مسلم). ومن هذا الحديث، يُستنبط أن بيع الأموال الربوية من نفس الجنس يجب أن يتم بمقدار متساوٍ وبالتقابض الفوري، وإلا وقع في ربا الفضل، وهو محرم في الإسلام.
في المعاملات المالية الحديثة، يُطبق شرط التماثل عند تبادل العملات أو المعادن الثمينة، حيث يجب أن يكون التبادل بالقيمة العادلة دون زيادة أو نقص، ما لم يكن هناك اختلاف في الجنس، ففي هذه الحالة يجوز التفاضل بشرط التقابض الفوري. هذا المفهوم يحافظ على عدالة المعاملات التجارية ويمنع الاستغلال أو الاحتكار الذي قد يؤدي إلى الإضرار بأحد الأطراف.
في ظل التطورات الاقتصادية الحديثة، أصبح تحقيق التماثل في بعض المعاملات أكثر تعقيداً، خاصة مع ظهور أنظمة الدفع الإلكتروني والتجارة الرقمية. لذلك، اجتهد الفقهاء في وضع ضوابط للتأكد من توافق هذه المعاملات مع أحكام الشريعة. على سبيل المثال، عند شراء الذهب أو العملات عبر المنصات الإلكترونية، يجب أن يتم تحديد السعر بشكل واضح، وأن يكون هناك تقابض فوري، سواء من خلال التحويل البنكي المباشر أو من خلال وسائل إلكترونية تضمن انتقال الملكية فوراً دون تأخير. كما أن بعض المؤسسات المالية الإسلامية تقدم خدمات متوافقة مع الشريعة تضمن الالتزام بشرط التماثل والتقابض، مما يتيح للمستثمرين والتجار التعامل بثقة وأمان ضمن الإطار الشرعي.
