تُعتبر شركة ENI الإيطالية واحدة من عمالقة الطاقة على مستوى العالم، إذ تأسست عام 1953 وأصبحت خلال عقود قليلة لاعباً رئيسياً في النفط والغاز والطاقة المتجددة. وجودها في منطقة شمال أفريقيا، وتحديداً في مصر وليبيا، يُمثل ركيزة أساسية لاستراتيجيتها العالمية، نظراً لما تتمتع به المنطقة من ثروات طبيعية هائلة وموقع جغرافي استراتيجي يربط بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. في هذا المقال الموسع، نستعرض بالتفصيل أنشطة ENI في مصر وليبيا، وكيف ساهمت مشاريعها الكبرى في تغيير معادلة الطاقة إقليمياً ودولياً، إضافة إلى التحديات التي تواجهها والفرص المستقبلية أمامها.
ENI في مصر: قوة الغاز الطبيعي
حقل ظُهر – جوهرة البحر المتوسط
اكتشفت ENI حقل ظُهر عام 2015، ويُعد أكبر اكتشاف للغاز في البحر المتوسط. يُقدر احتياطي الحقل بأكثر من 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، وهو ما جعل مصر لاعباً محورياً في سوق الغاز العالمي. دخل الحقل مرحلة الإنتاج في زمن قياسي (2017)، مما ساعد مصر على التحول من مستورد للغاز إلى مُصدِّر في غضون سنوات قليلة.
مشاريع الغاز والبنية التحتية
إلى جانب حقل ظُهر، تمتلك ENI استثمارات واسعة في دلتا النيل والبحر المتوسط. تعمل الشركة على تطوير محطات الغاز الطبيعي المُسال (LNG) في دمياط وإدكو لدعم صادرات مصر إلى أوروبا. تمثل هذه المشاريع خطوة مهمة نحو جعل مصر مركزاً إقليمياً لتجارة وتسييل الغاز، وهو هدف استراتيجي للحكومة المصرية.
مساهمة في التحول الطاقي
استثمرت ENI في مشاريع للطاقة الشمسية لتزويد بعض منشآتها بالطاقة النظيفة. أطلقت برامج لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر تحسين كفاءة العمليات واستخدام تقنيات متقدمة لالتقاط الكربون. هذه الجهود تتماشى مع أهداف رؤية مصر 2030 في مجال الاستدامة والطاقة النظيفة.
ENI في ليبيا: النفط والغاز في قلب التحديات
شراكة استراتيجية مع المؤسسة الوطنية للنفط (NOC)
تعمل ENI في ليبيا منذ أكثر من 60 عاماً، وتُعتبر أكبر منتج أجنبي للنفط والغاز هناك. ترتبط الشركة بعلاقات قوية مع المؤسسة الوطنية للنفط (NOC)، ما يجعلها شريكاً أساسياً في تطوير قطاع الطاقة الليبي. تمتد أنشطتها لتشمل حقول برية وبحرية، إضافة إلى مشاريع الغاز التي تغذي السوق المحلي وتُصدَّر إلى أوروبا.
الحقول الرئيسية
- حقل الوفاء (Wafa): ينتج الغاز الطبيعي والمكثفات والغاز السائل.
- حقل الفيل (El Feel): واحد من أهم الحقول النفطية البرية.
- الأنشطة البحرية: تشمل عمليات استكشاف وإنتاج قبالة الساحل الغربي لليبيا.
خط أنابيب Greenstream – رابط ليبيا بأوروبا
يعد Greenstream Pipeline شرياناً رئيسياً ينقل الغاز الليبي من مليتة إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط. هذا الخط يوفر مصدراً استراتيجياً لإمدادات الغاز إلى أوروبا، خصوصاً في ظل التوترات الجيوسياسية وتقلبات أسواق الطاقة العالمية. بفضل هذا المشروع، تضمن ENI دورها كمزود رئيسي للغاز الأوروبي الآمن والموثوق.
الاستدامة والطاقة المتجددة
رغم أن التركيز الأكبر في ليبيا ما يزال على النفط والغاز، فإن ENI بدأت في إدخال مشاريع صغيرة للطاقة الشمسية لدعم البنية التحتية المحلية. تواجه الشركة تحديات كبيرة مثل الوضع السياسي غير المستقر، ونقص البنية التحتية، والاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدر دخل للدولة. ومع ذلك، يبقى وجود ENI عامل استقرار نسبي في قطاع الطاقة الليبي.
المقارنة بين أنشطة ENI في مصر وليبيا
| العنصر | مصر | ليبيا |
|---|---|---|
| المصدر الأساسي | الغاز الطبيعي (حقل ظُهر، البحر المتوسط) | النفط الخام + الغاز (حقول برية وبحرية) |
| الأهمية الاستراتيجية | جعل مصر مركزاً إقليمياً للغاز الطبيعي المُسال | تزويد السوق المحلي وتصدير الغاز إلى أوروبا عبر Greenstream |
| الشركاء المحليون | EGAS، EGPC، الحكومة المصرية | المؤسسة الوطنية للنفط (NOC) |
| التحول الطاقي | استثمارات في الطاقة الشمسية والكربون المنخفض | بداية محدودة للطاقة المتجددة |
| التحديات | تزايد الطلب المحلي على الغاز، الحاجة لاستثمارات إضافية | الاضطرابات السياسية والأمنية، نقص الاستقرار التشريعي |
التحديات التي تواجه ENI في مصر وليبيا
في مصر:
- تزايد الطلب المحلي مع توسع الصناعة والنمو السكاني.
- الحاجة لمزيد من الاستثمارات في البنية التحتية للغاز المسال.
- المنافسة مع شركات عالمية أخرى مثل BP وShell.
في ليبيا:
- عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي يؤثر على استقرار الإنتاج.
- الاعتماد المفرط على النفط والغاز مع ضعف التنويع الاقتصادي.
- صعوبة جذب الاستثمارات طويلة المدى بسبب المخاطر الجيوسياسية.
فرص ENI المستقبلية في المنطقة
مصر:
- تعزيز صادرات الغاز المسال إلى أوروبا في ظل أزمة الطاقة العالمية.
- توسيع استثمارات الطاقة الشمسية والرياح لتلبية أهداف الاستدامة.
- تطوير مزيد من الحقول البحرية في البحر المتوسط.
ليبيا:
- إمكانية زيادة الإنتاج في حال استقرار الوضع السياسي.
- الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء للمناطق النائية.
- توسيع السعة التصديرية عبر خط Greenstream أو مشاريع جديدة.
ENI ودورها في مستقبل الطاقة بشمال أفريقيا
تمثل شركة ENI الإيطالية حجر الزاوية في مشهد الطاقة في كل من مصر وليبيا. وفي ظل متابعة المستثمرين للأسواق العالمية، يبرز كل من سعر سهم اكسون موبيل وسعر سهم انابيب السعودية كمؤشرين رئيسيين على أداء قطاع الطاقة وتقلبات أسعاره حول العالم. في مصر، قادت ENI ثورة الغاز عبر حقل ظُهر العملاق، مما ساعد البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول إلى مُصدِّر. أما في ليبيا، فتظل ENI الشريك الأجنبي الأكبر، مساهمةً في تلبية احتياجات السوق المحلي وضمان صادرات الغاز إلى أوروبا. ورغم التحديات السياسية والاقتصادية، تواصل ENI لعب دور محوري في تأمين الطاقة، ودعم التحول نحو مصادر نظيفة، وتعزيز مكانة المنطقة كمصدر رئيسي للطاقة للعالم


