مع تطور الأسواق المالية واتساع نطاق الاستثمارات حول العالم، برزت الحاجة إلى أدوات مالية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، خصوصاً مع تزايد أعداد المستثمرين المسلمين الباحثين عن استثمارات نقية بعيدة عن الفوائد الربوية أو الأنشطة المحرمة مثل الكحول والمقامرة. ومن بين هذه الأدوات ظهرت المؤشرات الإسلامية، التي تمثل مجموعة من الأسهم المختارة بعناية لتكون متوافقة مع الضوابط الشرعية.
المؤشرات الإسلامية: تعريفها وأهدافها
المؤشرات الإسلامية هي سلال تضم مجموعة من الأسهم المدرجة في الأسواق المالية، يتم اختيارها وفق معايير شرعية دقيقة، بحيث يتم استبعاد الشركات التي تتعامل بالربا أو الأنشطة غير المباحة شرعاً. وبهذا تُقدّم للمستثمر المسلم وسيلة آمنة وموثوقة لمتابعة حركة السوق والاستثمار دون الحاجة للتدقيق الفردي في كل شركة على حدة.
الهدف الأساسي من هذه المؤشرات هو توفير مرجع استثماري متوافق مع أحكام الشريعة، يعكس أداء السوق ضمن إطار شرعي واضح. كما أنها جاءت استجابة للطلب العالمي المتزايد على أدوات التمويل الإسلامي، وهو قطاع تجاوزت قيمته تريليونات الدولارات، مما يعكس الحاجة الماسة لوجود بدائل مالية متوافقة مع القيم الدينية والأخلاقية.
لماذا يبحث المستثمر المسلم عن مؤشرات إسلامية؟
- الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.
- تجنب الوقوع في الشبهات المتعلقة بالربا أو التعامل في الأنشطة المحرمة.
- الرغبة في الاستثمار ضمن بيئة تحقق التوازن بين الربح والالتزام الديني.
- الاستفادة من النمو المتسارع لقطاع التمويل الإسلامي الذي يزداد قوة وانتشاراً في أسواق مثل الخليج وماليزيا وتركيا.
معايير اختيار الشركات في المؤشرات الإسلامية
قبل إدراج أي شركة في المؤشر الإسلامي، يتم فحصها وفق عدة ضوابط، ومن أبرزها:
النشاط الأساسي للشركة
يجب أن يكون نشاط الشركة مباحاً، يتم استبعاد الشركات التي تعمل في القطاعات المحرمة مثل:
- البنوك التقليدية القائمة على الفوائد.
- شركات الخمور والتبغ.
- شركات الترفيه غير المشروع والقمار.
- الصناعات العسكرية المحظورة شرعاً.
المعاملات المالية للشركة
- يتم مراجعة ميزانية الشركة لمعرفة حجم تعاملها مع البنوك التقليدية.
- يُشترط أن تكون القروض أو الودائع الربوية محدودة جداً ونسبتها لا تتجاوز حداً معيناً وضعته الهيئات الشرعية.
الأرباح غير المتوافقة مع الشريعة
- في حال كانت للشركة أرباح من مصادر غير مشروعة، يجب أن تكون نسبة صغيرة جداً.
- يُشترط تطهير هذه الأرباح من خلال التبرع بها.
مؤشرات السيولة والديون
- تحدد النسب القصوى للديون الربوية إلى الأصول أو رأس المال.
- هذا يضمن ألا تكون الشركة قائمة على الربا أو تعتمد عليه بشكل رئيسي.
أشهر المؤشرات الإسلامية في العالم
المؤشرات الإسلامية ليست محلية فقط، بل أصبحت عالمية، ومن أبرزها:
- مؤشر داو جونز الإسلامي (Dow Jones Islamic Market Index): من أقدم المؤشرات الإسلامية وأكثرها شهرة، يغطي آلاف الشركات من مختلف الدول بعد تصفيتها شرعياً.
- مؤشر ستاندرد آند بورز الشرعي (S&P Shariah Index): يركز على الشركات العالمية ويخضعها لمعايير شرعية دقيقة.
- مؤشر فوتسي الإسلامي (FTSE Shariah Index): معتمد لدى العديد من الصناديق الاستثمارية الإسلامية.
المؤشرات المحلية
- مثل مؤشر “تاسي الإسلامي” في السعودية.
- مؤشر “EGX30 الإسلامي” في مصر.
- مؤشرات في ماليزيا، الكويت، تركيا والإمارات.
هل هذه المؤشرات خالية تماماً من الشركات الربوية؟
- من الناحية النظرية: نعم، حيث يتم استبعاد أي شركة نشاطها الأساسي ربوي.
- من الناحية التطبيقية: لا يمكن ضمان الخلو الكامل بنسبة 100%، لأن بعض الشركات قد تلجأ إلى قروض أو تعاملات محدودة مع البنوك التقليدية.
الهيئات الشرعية تسمح بنسب طفيفة ضمن حدود معينة، مع اشتراط تطهير الأرباح الناتجة عنها، المؤشرات الإسلامية خالية “إلى حد كبير” من الشركات الربوية، مع وجود ضوابط لمعالجة أي تجاوزات طفيفة.
آلية تطهير الأرباح (التنقية الشرعية)
حتى مع تطبيق المعايير، قد تبقى نسب بسيطة من أرباح غير متوافقة مع الشريعة. وهنا تأتي خطوة “التطهير”:
- تقوم الهيئات الشرعية بتحديد النسبة غير الشرعية من أرباح الشركة.
- يتم إلزام المستثمر بالتبرع بهذه النسبة في أوجه الخير.
- هذه العملية تمنح المستثمر راحة ضمير وتوافقاً كاملاً مع الشريعة.
الفرق بين المؤشرات الإسلامية والتقليدية
البند | المؤشرات التقليدية | المؤشرات الإسلامية |
---|---|---|
التغطية | تشمل جميع الشركات المدرجة في السوق دون النظر إلى طبيعة نشاطها أو معاملاتها المالية. | تضم فقط الشركات التي اجتازت معايير الفلترة الشرعية المتعلقة بالنشاط والمعاملات المالية. |
المعايير الشرعية | لا تخضع لأي ضوابط شرعية، بل تعتمد فقط على معايير السوق والقيمة السوقية والسيولة. | تخضع لرقابة هيئات شرعية تحدد الأنشطة المباحة وتضع حدوداً للديون والمعاملات الربوية. |
التنوع | عادةً أكثر تنوعاً لأنه يشمل شركات من مختلف القطاعات دون قيود. | أقل تنوعاً نسبياً بسبب استبعاد شركات كثيرة غير متوافقة مع الشريعة. |
الأداء المالي | يعكس الأداء العام للسوق بكافة شركاته، وقد يكون أعلى أو أقل حسب الظروف الاقتصادية. | قد يكون أداؤه أحياناً أقل اتساعاً من التقليدي، لكنه أكثر أماناً من الناحية الشرعية. |
المخاطر الشرعية | يحتوي على شركات ذات أنشطة أو معاملات محرمة كالربا، القمار، الخمور. | خالٍ من الأنشطة المحرمة إلى حد كبير، مع وجود آليات للتطهير عند وجود نسب طفيفة. |
الفئة المستهدفة | مناسب لجميع المستثمرين دون اعتبارات دينية أو شرعية. | موجه بالأساس للمستثمرين المسلمين أو المهتمين بالاستثمار الأخلاقي (Ethical Investing). |
الرقابة والمتابعة | متابعة مالية فقط تركز على الأداء والالتزام بالقوانين الاقتصادية. | متابعة مزدوجة: مالية وشرعية، مع مراجعة دورية لضمان التوافق المستمر. |
الأثر على الشركات | لا يشترط على الشركات تغيير سياساتها المالية أو مصادر دخلها. | يشجع الشركات على تقليل تعاملها بالربا وزيادة الشفافية في مصادر الدخل لتكون مؤهلة للإدراج. |
التحديات التي تواجه المؤشرات الإسلامية
- قلة الشركات المتوافقة في بعض الأسواق الناشئة.
- اختلاف المعايير الشرعية بين دولة وأخرى.
- تغير أوضاع الشركات بشكل مستمر مما يتطلب مراجعة دورية.
- صعوبة تحقيق تنوع استثماري واسع أحياناً بسبب القيود الشرعية.
تجارب بعض الدول مع المؤشرات الإسلامية
- السعودية: رائدة في طرح مؤشرات إسلامية وصناديق متوافقة مع الشريعة.
- ماليزيا: من أبرز الدول التي أسست سوقاً متكاملة للتمويل الإسلامي.
- مصر: أطلقت مؤشرات إسلامية لتشجيع الاستثمار وفق الشريعة.
- الإمارات وتركيا: تشهدان نمواً ملحوظاً في هذا المجال.
يمكنك الدخول الي قسم أفضل شركات حسابات التداول الإسلامية على موقع المراقب لمتابعة الشركات قبل البدء واختيار شركة موثوقة سواء في الوطن العربي او باقي دول العالم.
الخلاصة
المؤشرات الإسلامية جاءت لتوفر للمستثمر المسلم طريقاً واضحاً يجمع بين الالتزام الديني والربح المشروع. ورغم أنها لا تخلو بنسبة 100% من أي تعامل ربوي بسبب الواقع المالي العالمي، إلا أنها تظل البديل الأنقى والأكثر أماناً. بفضل آليات التنقية والرقابة الشرعية، أصبحت هذه المؤشرات وسيلة عملية لتمكين المسلمين من المشاركة في أسواق المال العالمية دون مخالفة أحكام الشريعة.