صناديق المؤشرات المتداولة أو ما يُعرف بـETF (Exchange Traded Funds) أصبحت من الأدوات المالية الرائجة في الأسواق العالمية، خصوصًا بين المستثمرين الأفراد الذين يبحثون عن تنويع محفظتهم بتكاليف منخفضة. ولكن مع ازدياد شعبية هذه الأداة الاستثمارية، بدأ يتكرر سؤال جوهري لدى الكثير من المستثمرين المسلمين: هل ETF حلال؟
في هذا المقال، سنقدم تحليلاً واقعياً وشرعياً مفصلاً حول طبيعة صناديق المؤشرات، آلية عملها، أنواعها، والعوامل التي تؤثر في حكمها الشرعي، إلى جانب توضيح الفرق بين ETF التقليدية وETF المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
تعريف صناديق المؤشرات المتداولة (ETF)
الـETF هو صندوق استثماري يحتوي على مجموعة من الأصول مثل الأسهم أو السندات أو السلع، ويُتداول في البورصة مثل السهم الواحد. يتميز هذا الصندوق بالمرونة العالية، إذ يمكن شراؤه وبيعه في أي وقت خلال ساعات التداول، مما يجعله خياراً مناسباً للمستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
أهم ميزات ETF:
- تنويع تلقائي للمحفظة.
- تكاليف إدارة منخفضة مقارنة بالصناديق المشتركة.
- إمكانية التداول في أي وقت داخل الجلسة.
- الشفافية العالية في معرفة مكونات الصندوق.
قبل البدء في تداول الصناديق المتداولة يمكنك الاطلاع علي قسم أفضل شركات تداول الصناديق المتداولة (ETFs) علي موقع المراقب لفهم تفاصيل اكثر عن شركات تداول الصناديق المتداولة في الوطن العربي والعالم.
الأساس الشرعي في تقييم المنتجات المالية
عند النظر في مشروعية أي منتج مالي، فإن الفقهاء عادةً ما يعرضون المسألة على أُسس محددة، أبرزها:
- مشروعية النشاط الاستثماري الأساسي.
- خلوّ المعاملة من الربا (الفائدة).
- عدم وجود الغرر (الجهالة) أو القمار (الميسر).
- عدم الاستثمار في القطاعات المحرمة (مثل الكحول، المقامرة، الأسلحة المحرمة… إلخ).
وبناءً عليه، فإن ETF لا تُعتبر حلالاً أو حراماً بإطلاق، بل يجب فحص طبيعة كل صندوق على حدة، لتحديد مدى توافقه مع هذه الضوابط.
أنواع صناديق الـETF ومدى توافقها مع الشريعة
هناك عدة أنواع من صناديق المؤشرات المتداولة، ويختلف الحكم الشرعي حسب نوعها، ومن أبرز الأنواع:
صناديق ETF للأسهم التقليدية
وهي التي تتبع مؤشراً مثل S&P 500 أو Nasdaq. معظم هذه المؤشرات تضم شركات لا تتوافق جميعها مع الشريعة الإسلامية، مثل:
- بنوك ربوية.
- شركات كحول أو تبغ.
- شركات القمار.
- شركات بها نسب ديون عالية بفوائد.
الحكم الشرعي: هذه الصناديق غير جائزة شرعاً للمستثمر المسلم، إلا إذا كانت تخضع لتصفية شرعية دقيقة.
صناديق ETF الإسلامية
وهي صناديق تتبع مؤشرات متوافقة مع الشريعة مثل: Dow Jones Islamic Market Index أو FTSE Shariah.
تقوم هذه الصناديق بالآتي:
- استبعاد الشركات ذات الأنشطة المحرمة.
- الالتزام بضوابط مالية محددة (نسبة الديون، السيولة، الفوائد).
- توزيع الأرباح بطريقة شرعية.
- تنقية الأرباح من الإيرادات غير المشروعة إن وُجدت.
الحكم الشرعي: هذه الصناديق غالباً ما تكون حلالاً، خصوصاً إذا كانت خاضعة لرقابة شرعية من هيئة معتبرة.
صناديق ETF للسلع (مثل الذهب والفضة والنفط)
تُستثمر هذه الصناديق في سلع مادية، وغالباً ما يكون التعامل فيها مقبولاً من الناحية الشرعية، بشرطين:
- أن تكون الصفقات خالية من الفوائد الربوية.
- أن يتم التعامل الفعلي بالسلعة ولا تكون مجرد مضاربة ورقية.
صناديق الذهب التي لا تتيح تملكاً حقيقياً للذهب تكون محل خلاف فقهي، ويفضل تجنبها.
صناديق ETF للسندات
وتُعتبر هذه من الأدوات المحرمة شرعاً لأنها تعتمد على الفائدة الربوية (Riba)، وهي محرمة بنصوص قطعية في القرآن الكريم.
ما الفرق بين ETF إسلامي وETF تقليدي؟
| العنصر | ETF تقليدي | ETF إسلامي |
|---|---|---|
| نوع الشركات | جميع الشركات | شركات متوافقة شرعاً |
| النشاط الاستثماري | أي نشاط ربحي | نشاط مباح فقط |
| الديون والفوائد | لا تراعي الشروط | تخضع لمعايير مالية صارمة |
| رقابة شرعية | لا توجد | رقابة مستمرة من هيئة شرعية |
| تنقية الأرباح | لا تتم | تتم بشكل دوري |
أهم صناديق المؤشرات الإسلامية حول العالم
- Wahed FTSE USA Shariah ETF (HLAL) – يستثمر في الشركات الأمريكية المتوافقة مع الشريعة.
- SP Funds S&P 500 Shariah ETF (SPUS) – صندوق يستبعد الشركات غير المتوافقة من مؤشر S&P 500.
- iShares MSCI World Islamic UCITS ETF – صندوق عالمي يتبع مؤشر MSCI الإسلامي.
- HSBC Islamic Global Equity Index Fund – من أقدم وأشهر الصناديق الإسلامية.
رأي العلماء والهيئات الشرعية
أجمعت أغلب الهيئات الشرعية المعاصرة مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، والمجمع الفقهي الإسلامي، على جواز الاستثمار في صناديق ETF الإسلامية، بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية المذكورة. أما الصناديق التقليدية، فالأصل فيها التحريم ما لم تخضع لفلترة دقيقة وشخصية من المستثمر، وهي عملية معقدة يصعب القيام بها دون أدوات خاصة.
هل هناك مخاطر شرعية في ETF الإسلامية؟
رغم أنها حلال من حيث المبدأ، إلا أن بعض التحديات قد تطرأ مثل:
- غياب الشفافية الكاملة أحياناً في تنقية الأرباح.
- تغير مكونات المؤشر وعدم تحديث الفلترة الشرعية بسرعة.
- الاعتماد على وكالات تصنيف غير شرعية أحياناً.
لذلك، يُفضل دوماً التأكد من أن الصندوق يخضع لرقابة شرعية موثوقة ومعلنة.
خاتمة: خلاصة الحكم على ETF
يمكن القول إن الـETF ليس منتجاً حلالاً أو حراماً بحد ذاته، بل يعتمد حكمه على نوع الأصول المكونة له ومدى توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية. إذا كنت مستثمراً مسلماً حريصاً على التزامك الديني، فابحث عن وجود هيئة شرعية تشرف عليه والإفصاح عن مكونات الصندوق وعمليات التنقية. بهذا الشكل، يمكنك الاستفادة من مزايا ETF دون مخالفة القواعد الشرعية، وتحقيق استثمار ناجح ومتزن من حيث العائد والضمير.
