التوقيت: 2025-09-06 11:50 صباحًا
المدونة

ما هو تطهير الأسهم – نسبة التطهير ؟

فهرس المحتويات

أصبح التداول في أسواق الأسهم واحداً من أكثر وسائل الاستثمار انتشاراً بين المسلمين، خاصة مع ظهور ما يُعرف بالأسهم الشرعية التي تراعي أحكام الشريعة الإسلامية. غير أن الواقع العملي يفرض بعض التحديات، إذ قد تتعامل بعض الشركات – حتى وإن كان نشاطها الأساسي مباحاً – مع البنوك أو المؤسسات المالية التقليدية بشكل جزئي، مثل الحصول على قروض ربوية أو إيداع الأموال بفوائد. هنا يبرز مفهوم تطهير الأسهم باعتباره آلية شرعية لحل هذه الإشكالية وضمان صفاء المكاسب المالية للمستثمر المسلم.

تعريف التطهير في الأسهم

التطهير في الأسهم يعني إخراج نسبة محددة من الأرباح التي يحصل عليها المستثمر من الأسهم الشرعية، إذا ثبت أن الشركة قد حققت جزءًا من إيراداتها من معاملات غير شرعية مثل فوائد القروض أو أرباح الودائع البنكية. وبعبارة أخرى، التطهير هو عملية تنقية الأرباح من أي شبهة ربوية أو غير مشروعة، من خلال التصدق بجزء من المال بما يتناسب مع حجم الإيراد المحرم الموجود في نشاط الشركة.

لماذا نحتاج إلى التطهير؟

قد يتساءل البعض: إذا كانت الأسهم شرعية، فلماذا يلزم التطهير؟

الإجابة تكمن في أن الضوابط الشرعية للأسهم تسمح بوجود نسبة ضئيلة جدًا من المعاملات غير المباحة في الشركات، نظرًا لصعوبة تجنبها بالكامل في بيئة اقتصادية عالمية تعتمد في جزء كبير منها على النظام المصرفي التقليدي. وبالتالي، فإن التطهير يكون وسيلة عملية لمعالجة هذه الجزئية الصغيرة، بحيث يستفيد المستثمر من الاستثمار المباح، وفي الوقت نفسه يتخلص من أي شبهة في أرباحه.

نسبة التطهير: كيف تُحسب؟

نسبة التطهير تختلف من شركة إلى أخرى بحسب حجم معاملاتها غير المباحة. وغالباً ما تقوم الهيئات الشرعية أو مؤسسات الاستشارات المالية الإسلامية بإصدار تقارير سنوية تحدد نسبة التطهير لكل شركة.

على سبيل المثال:

إذا أعلنت هيئة شرعية أن شركة معينة تحقق 2% من إيراداتها من مصادر غير شرعية، فهذا يعني أن المستثمر يجب أن يخرج 2% من أرباحه المتحققة من هذه الشركة. فإذا كنت تملك أسهماً في هذه الشركة وحققت ربحاً قدره 10,000 ريال، فإن نسبة التطهير الواجبة عليك ستكون:

  • 10,000 × 2% = 200 ريال

يتم إخراج هذا المبلغ كصدقة للفقراء والمساكين دون نية الثواب المالي، بل بنية التخلص من المال غير المشروع.

ما الذي يُطهر: الأرباح فقط أم رأس المال؟

  • الأرباح: التطهير يتعلق بالأرباح الموزعة (الكوبونات أو العوائد النقدية) أو الأرباح الناتجة عن بيع الأسهم.
  • رأس المال: لا يُطهر، لأن الأصل أن شراء السهم في شركة ذات نشاط مباح جائز، ورأس المال يبقى مباحاً في أصله.

إذن التطهير لا يشمل قيمة السهم نفسها، بل يقتصر فقط على العوائد المكتسبة التي تحتوي على نسبة من المال غير المشروع.

كيفية تطبيق التطهير عملياً

لكي يطبق المستثمر التطهير بشكل صحيح، عليه اتباع الخطوات التالية:

  • الاطلاع على قوائم الشركات الشرعية: بعض الأسواق مثل السوق السعودي (تداول) أو السوق الكويتي توفر تقارير دورية عن الأسهم المتوافقة مع الشريعة.
  • معرفة نسبة التطهير: يتم تحديدها من قبل الهيئة الشرعية التي راجعت الشركة.
  • تطبيق النسبة على الأرباح: عند استلام الأرباح، يتم حساب نسبة التطهير وإخراجها فوراً.
  • إخراج المبلغ لجهات خيرية: يتم دفع نسبة التطهير للفقراء والمحتاجين دون نية الصدقة التطوعية، بل بنية التخلص من المال غير المشروع.

مثال عملي للتوضيح

لنفترض أنك تملك 1,000 سهم في شركة اتصالات إسلامية، وحققت أرباحاً سنوية موزعة قدرها 5,000 ريال.

أعلنت الهيئة الشرعية أن نسبة التطهير لهذه الشركة هي 1.5%.

إذن المبلغ الواجب إخراجه = 5,000 × 1.5% = 75 ريالاً.

هذا المبلغ تخرجه للفقراء كصدقة واجبة لتطهير أرباحك.

حكمة التطهير في الإسلام

التطهير ليس مجرد إجراء مالي، بل يحمل أبعاداً روحية وأخلاقية عميقة:

  • حماية المال: المال الحلال الطيب هو أساس البركة والنماء.
  • صفاء الذمة: التطهير يبرئ ذمة المسلم أمام الله من أي شبهة.
  • التوازن بين الواقع والمثال: نظراً لصعوبة تجنب النظام المالي التقليدي بالكامل، يوفر التطهير وسيلة عملية للتعامل مع الواقع دون الوقوع في الحرام.
  • تعزيز العدالة الاجتماعية: الأموال المطهرة تذهب إلى الفقراء والمحتاجين، ما يعزز التكافل الاجتماعي.

التحديات المتعلقة بالتطهير

رغم وضوح الفكرة، إلا أن هناك تحديات عملية يواجهها المستثمرون:

  • عدم توفر البيانات: في بعض الأسواق، لا يتم نشر نسب التطهير بانتظام.
  • تفاوت الآراء الشرعية: قد تختلف الهيئات في تحديد النسب أو حتى في الحكم على بعض الشركات.
  • صعوبة الحساب عند تعدد الشركات: إذا كان المستثمر يملك أسهماً في عدة شركات، فقد يحتاج لجهد إضافي لحساب نسبة التطهير لكل شركة على حدة.

خاتمة

التطهير في الأسهم هو آلية شرعية لحماية استثمارات المسلم من المال الحرام، وضمان أن أرباحه تبقى نقية ومباحة. وهو يعكس روح الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الكسب الحلال وتجنب الشبهات، مع مراعاة واقع التعاملات الاقتصادية المعقدة اليوم. وبالتالي، على كل مستثمر مسلم أن يكون على وعي كامل بمفهوم التطهير، وأن يلتزم بإخراج نسبة التطهير المقررة من أرباحه، سواء في السوق المحلي أو العالمي. فالتطهير ليس خسارة، بل هو استثمار في بركة المال وراحة الضمير، وهو ما يجعل التداول في الأسهم الشرعية تجربة آمنة من الناحية الدينية والمالية.

Picture of آية عبد الحي

آية عبد الحي

كاتبة متخصصة في الشؤون الاقتصادية والاستثمار، تتميز بأسلوبها المبسط في توصيل المفاهيم المالية المعقدة إلى القارئ العربي. تركز آيه في مقالاتها على تمكين المبتدئين من فهم عالم المال والتداول، وتقدم تحليلات دقيقة مدعومة بالمصادر والبيانات الحديثة.
شارك المقال لتعم الفائدة
مواضيع ذات علاقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: محتوى محمي. النسخ ممنوع.