لم تعد عمليات النصب في عالم الفوركس تقتصر على المكالمات الهاتفية أو البريد الإلكتروني، بل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ملعباً واسعاً للنصابين. وفي مقدمة هذه الوسائل يبرز تطبيق سناب شات، الذي يتميز بسرعة انتشار المحتوى وبنيته القائمة على الفيديو القصير والمؤثر. النصابون وجدوا في هذا التطبيق فرصة ذهبية لاستهداف فئة الشباب، خصوصاً أولئك الذين يبحثون عن الثراء السريع و”الحياة الفاخرة”. عبر مزيج من الاستعراض والإعلانات الكاذبة، يتم تحويل المتابعين البسطاء إلى ضحايا لعمليات نصب فوركس حديث.
لماذا سناب شات بالتحديد؟
النصاب لا يختار المنصة عشوائياً، بل يبحث عن بيئة تساعده على بناء الثقة وإيهام الضحية. وسناب شات يتمتع بعدة خصائص جعلته الوجهة المثالية لهم:
- الانتشار بين الشباب: معظم مستخدمي سناب شات من الفئة العمرية 18 – 30 سنة، وهي الفئة الأكثر انجذاباً لفكرة “الثراء السريع”.
- المحتوى الزائل: القصص (Stories) تختفي بعد 24 ساعة، مما يصعّب تتبع المحتوى أو جمع الأدلة لاحقاً.
- الجانب الاستعراضي: التطبيق قائم على عرض الحياة الشخصية واليومية، وهذا ما يستغله النصابون لاستعراض سيارات فارهة، ساعات باهظة، وحياة مليئة بالسفر.
- التفاعل المباشر: سهولة التواصل عبر الرسائل الخاصة تسهل على النصاب إقناع الضحية خطوة بخطوة.
كيف يتم الإيقاع بالضحايا؟
النصاب يبدأ اللعبة بخطوات مدروسة، مستخدماً قوة الصورة والفيديو:
- بناء صورة “المستثمر الناجح”: ينشر صوراً وفيديوهات وهو يقود سيارات فاخرة أو يقيم في فنادق 5 نجوم.
- إيهام بالنتائج المضمونة: يعرض لقطات من “أرباح فورية” على منصات تداول مزيفة أو تطبيقات وهمية.
- إعلانات مدفوعة: يدفع لسناب شات لعرض حسابه على نطاق واسع تحت عناوين مثل: “ضاعف دخلك في أسبوع” أو “طريقة جديدة لتحقيق الحرية المالية”.
- التواصل الخاص: عند تفاعل الضحية، يبدأ النصاب بإرسال روابط لمجموعات واتساب أو تليجرام، أو تطبيقات تداول وهمية.
- طلب الإيداع: يتم إقناع الضحية بتحويل مبلغ صغير كبداية (500 – 1000 دولار)، وبعدها تبدأ مرحلة الاستنزاف عبر رسوم وهمية ومطالبات إضافية.
تجارب واقعية من ضحايا سناب شات
- س.م (الكويت): تابع حساباً يستعرض أرباحاً ضخمة من الفوركس، وبعد أن أودع 2000 دولار، طلبوا منه رسوم سحب بقيمة 800 دولار، ثم اختفى الحساب تماماً.
- م. ح (السعودية): انضم إلى جروب تليجرام بعد أن تعرف على نصاب عبر سناب شات، وخسر أكثر من 10 آلاف دولار على أمل مضاعفة رأس المال.
- ن. ع (الإمارات): قالت إنها اقتنعت بسبب الفيديوهات اليومية التي يظهر فيها النصاب بسيارة “لامبورغيني”، لتكتشف لاحقاً أن السيارة مستأجرة خصيصاً لأجل التصوير.
أدواتهم النفسية في الإقناع
النصاب على سناب شات لا يكتفي بالصور، بل يستخدم أساليب نفسية متقدمة:
- الاستعراض Lifestyle Marketing: إقناع المتابع بأن “الحياة الفاخرة” نتيجة طبيعية للتداول.
- الضغط الزمني: “العرض سينتهي اليوم”، “آخر فرصة للانضمام”.
- التشابه الاجتماعي: “أنا مثلك تماماً… كنت موظفاً براتب ضعيف والآن أنعم بالحرية المالية”.
- إظهار متابعين وهميين: استخدام بوتات لزيادة التفاعل والتعليقات لخلق وهم المصداقية.
طرق الاحتيال الأكثر شيوعاً عبر سناب شات
قبل أن تصدق أي إعلان على سناب شات، اعرف كيف يعمل النصابون:
- المنصات الوهمية: يرسلون روابط تسجيل في مواقع تداول غير مرخصة تبدو احترافية من الخارج.
- التطبيقات المزيفة: يطلبون تحميل تطبيق يظهر أرباحاً وهمية فقط على الشاشة.
- المستشار المالي المزيف: يدّعي أنه “خبير تداول” ويطلب إدارة حسابك مقابل نسبة من الأرباح.
- التلاعب العاطفي: بعضهم قد يدعي أنه “يريد مساعدتك للخروج من أزماتك المالية”.
لماذا ينجحون في خداع الشباب؟
- ضعف الثقافة المالية: الكثير من الشباب لا يعرفون أساسيات التداول أو التراخيص.
- الإغراء بالمال السريع: ثقافة الاستهلاك والرغبة في حياة فاخرة بسرعة.
- ثقة عمياء في مشاهير السوشيال ميديا: مجرد أن الحساب يملك آلاف المتابعين يجعل الناس يصدقونه.
- غياب الرقابة على المحتوى: الإعلانات المدفوعة على سناب شات لا تمر غالباً بتدقيق كافٍ.
كيف تحمي نفسك من هذا النوع من الاحتيال؟
قبل أن تنخدع بأي محتوى على سناب شات، ضع هذه النقاط في اعتبارك:
- لا تثق في المظاهر: السيارات والسفر قد تكون مؤجرة فقط لأجل التصوير.
- تحقق من التراخيص: أي شركة تداول حقيقية مرخصة يمكن التحقق منها عبر الهيئات الرقابية الدولية.
- احذر من الوعود بالأرباح السريعة: لا يوجد استثمار مضمون بربح ثابت وسريع.
- تجنّب الروابط المجهولة: لا تدخل أي موقع تداول لا تعرف مصدره.
- استشر قبل أن تستثمر: اسأل خبراء أو ابحث عن تقييمات الشركة في القوائم السوداء لشركات التداول النصابة قبل تحويل أي مبلغ.
الخسائر لا تتوقف عند المال فقط
ضحايا هذه العمليات لا يخسرون أموالهم فقط، بل أيضاً:
- الثقة بالنفس: الشعور بالغباء بعد الوقوع في الفخ.
- الانعزال الاجتماعي: كثير منهم يخجل من الاعتراف بما حدث حتى لأقرب الناس.
- التعرض للنصب المزدوج: بعد خسارتهم، يتواصل معهم من يدّعون القدرة على “استرجاع الأموال” مقابل رسوم جديدة.
خاتمة
ما يحدث عبر سناب شات اليوم ليس مجرد دعاية مضللة، بل هو منظومة نصب متكاملة تستغل أحلام الشباب ورغبتهم في حياة فاخرة. النصابون يبرعون في استخدام الصور والفيديوهات لخلق عالم مزيف، يجعل الضحية يصدق أن “الحرية المالية” في متناول اليد. الوعي هو خط الدفاع الأول؛ فقبل أن تضغط على أي رابط أو تحول أي مبلغ، تذكر أن الأرباح الحقيقية لا تأتي عبر فيديو مدته 10 ثوانٍ على سناب شات، بل عبر استثمار مدروس ومنصات مرخصة فقط.
