يحظى سهم شركة الاتصالات السعودية (STC)، الذي يُتداول في السوق المالية السعودية تحت الرمز TASI: 7010، باهتمام واسع من قبل المستثمرين في السوق المحلي والخليجي، بل وحتى على مستوى المستثمرين الدوليين المهتمين بالأسواق الناشئة. ويرجع هذا الاهتمام الكبير إلى مكانة STC كأكبر مشغل لخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية، حيث تُعد الشركة عنصراً محورياً في البنية الرقمية للدولة، وهي لاعب أساسي في تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي في إطار رؤية السعودية 2030. تأسست الشركة في عام 1998 كشركة مساهمة سعودية، ومنذ ذلك الحين تطورت من مزود خدمات اتصالات تقليدية إلى شركة متعددة الأنشطة تغطي خدمات الهاتف الثابت، المحمول، الإنترنت، الحوسبة السحابية، الذكاء الاصطناعي، الخدمات المالية الرقمية، ومجالات عديدة أخرى. وتعد STC ضمن المكونات الرئيسية لمؤشر السوق السعودي (Tadawul All Share Index – TASI)، ما يجعلها من الأسهم الثقيلة (Blue Chips) التي تؤثر بشكل مباشر على حركة المؤشر العام، ويعزز ذلك من مكانتها كخيار استثماري جذاب طويل الأجل ومصدر دخل منتظم بفضل توزيعاتها المستقرة.
جدول المحتويات
نظرة عامة على سهم STC
يُرمز لسهم شركة الاتصالات السعودية في منصة التداول السعودية بالرمز 7010.SR، وهو أحد أكثر الأسهم تداولاً في السوق من حيث القيمة السوقية والسيولة اليومية. وتبلغ القيمة السوقية الحالية للشركة ما يزيد عن 212 مليار ريال سعودي، مما يضعها ضمن أكبر 10 شركات مدرجة في السوق المالية السعودية من حيث رأس المال والقوة السوقية، إلى جانب شركات كبرى مثل أرامكو، سابك، والبنك الأهلي السعودي.
أما عن الأداء التاريخي للسهم، فقد أظهر اتجاهاً تصاعدياً مستقراً خلال السنوات الخمس الماضية، حيث حقق السهم نمواً في القيمة السوقية بنسبة تقارب +7.6%، مع تسجيل عائد سنوي تراكمي يبلغ 12.3% تقريبًا. ويُظهر السهم مرونة استثنائية في مواجهة تقلبات السوق، كما أثبت قوته في الحفاظ على استقراره خلال أوقات الأزمات المالية أو الاضطرابات الجيوسياسية، ما يجعله ملاذاً آمناً نسبياً للمستثمرين المحافظين الباحثين عن نمو تدريجي وآمن.
تحليل أساسي لسهم STC
من الناحية الأساسية، تُعد شركة STC من بين أقوى الشركات المدرجة في السوق السعودي من حيث الأداء المالي المتماسك والاستقرار التشغيلي. فقد بلغت إيرادات الشركة السنوية لعام 2024 نحو 75.9 مليار ريال سعودي، محققة نمواً بنسبة 5.7% مقارنة بالعام السابق، ويُعد هذا المعدل من بين الأعلى في قطاع الاتصالات على مستوى الخليج. أما بالنسبة لصافي الربح، فقد شهد قفزة نوعية وصلت إلى 24.7 مليار ريال سعودي، بنسبة نمو تتجاوز 85%، وهو رقم يعكس تحسناً ملحوظاً في كفاءة التشغيل وخفض التكاليف وتعزيز الإيرادات من مصادر غير تقليدية.
وفيما يخص المؤشرات المالية الأساسية، فإن ربحية السهم (Earnings Per Share – EPS) تبلغ حوالي 4.95 ريال سعودي، وهو معدل مرتفع نسبياً يدل على قدرة الشركة على توليد أرباح قوية للمساهمين. كما أن نسبة السعر إلى الربحية (Price to Earnings Ratio – P/E) تقف عند حوالي 20x، مما يجعل السهم في موقع عادل أو أقرب إلى النمو المعتدل مقارنةً بمعدل السوق والقطاع. وتُظهر نسبة العائد على حقوق المساهمين (Return on Equity – ROE) التي تصل إلى 13% أن الشركة تحقق معدلات عالية في الاستفادة من رأس المال المستثمر.
ولا يمكن إغفال نسبة توزيع الأرباح (Dividend Payout Ratio)، والتي تُقدر بـ 76%، مما يعني أن الشركة تُعيد نسبة كبيرة من أرباحها للمستثمرين، وهو ما يُعد نقطة جذب قوية للباحثين عن دخل دوري منتظم (Passive Income). ومن الجدير بالذكر أن STC تحتفظ بسيولة نقدية ضخمة، ونسبة دين منخفضة، مما يُعزز من استقرارها المالي ومقدرتها على تمويل خططها التوسعية دون الحاجة للاقتراض الثقيل.
توزيعات الأرباح والاستقرار المالي
تُعد STC من أكثر الشركات السعودية انتظاماً في توزيع الأرباح، وهو ما جعل سهمها خياراً مفضلاً لدى مستثمري التوزيعات (Dividend Investors). فقد التزمت الشركة لعدة أعوام بتوزيع أرباح ربع سنوية تبلغ 0.55 ريال سعودي للسهم، بالإضافة إلى توزيعات سنوية إضافية بناءً على الأداء المالي العام، وقد بلغ إجمالي التوزيع النقدي لعام 2024 ما يقارب 3.75 ريال سعودي للسهم الواحد، متضمناً توزيعاً استثنائياً قدره 2 ريال للسهم، وهو ما يعكس وفرة الأرباح ومرونة التدفقات النقدية للشركة.
ويمثل هذا التوزيع ما نسبته 37.5% من رأس المال و9.3% إلى 9.8% كعائد توزيعي (Dividend Yield) بناءً على السعر السوقي للسهم، وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع أغلب شركات الاتصالات إقليمياً. ويجدر بالذكر أن هذا الاستقرار في التوزيع يعكس سياسة الشركة الثابتة في إرضاء مساهميها، كما أنه يوفر أساساً مالياً جيداً للمستثمرين الباحثين عن الدخل المتكرر دون الحاجة للبيع المستمر للأسهم لتحقيق الأرباح.
أداء السهم مقارنة بالسوق والقطاع
من الناحية المقارنة، يتفوق سهم STC على كل من السوق العام والقطاع الذي ينتمي إليه، وذلك من حيث الأداء السنوي والاستقرار السعري والتوزيعات. فقد سجل السهم عائداً إجمالياً يقارب 12.3% خلال العام المالي 2024–2025، وهو ما يفوق أداء مؤشر تاسي (TASI) الذي بلغ حينها نحو 5.3% فقط، مما يعكس جودة السهم واستقراره حتى في أوقات تراجع السوق.
وبالمقارنة مع نظرائه من شركات الاتصالات مثل موبايلي (TASI: 7020) وزين السعودية (TASI: 7030)، يبرز سهم STC بفضل قوته التشغيلية، واتساع خدماته، واستدامة تدفقاته النقدية. صحيح أن شركات أخرى قد تسجل معدلات نمو أعلى على المدى القصير، ولكن STC تبقى الأقوى من حيث التوزيع، السيولة، الربحية، والتنوع الاستثماري، مما يجعلها الخيار الأكثر توازناً وجاذبية في القطاع بأكمله.
خطط STC للنمو والتوسع
تسعى STC إلى تجاوز كونها شركة اتصالات تقليدية، لتصبح منصة رقمية متكاملة تُساهم في بناء الاقتصاد الرقمي السعودي. ومن أبرز توجهاتها الاستراتيجية الاستثمار القوي في تقنيات الجيل الخامس (5G Technology)، حيث تعمل على توسيع نطاق التغطية وتحسين سرعة الاتصال من خلال إنشاء بنية تحتية حديثة تدعم الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
كما تقوم الشركة بتوسيع نطاقها الاستثماري من خلال مشاريع مثل STC Pay، وهي شركة متخصصة في الخدمات المالية الرقمية وتُعد واحدة من أبرز قصص النجاح في التحول الرقمي المالي، مع حصولها على ترخيص “بنك رقمي” من البنك المركزي السعودي. بالإضافة إلى ذلك، تعمل STC على الدخول بقوة في مجال الحوسبة السحابية (Cloud Computing) بالشراكة مع شركات تقنية عالمية مثل Alibaba Cloud، في إطار خطتها للتحول إلى شركة تكنولوجيا (Tech Company) على غرار النماذج العالمية مثل AT&T وVerizon.
ومن المهم الإشارة إلى أن جميع هذه المبادرات تأتي في سياق دعم أهداف رؤية السعودية 2030، التي تشجع على تطوير الاقتصاد الرقمي، وتنويع مصادر الدخل، وخفض الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات الحكومية. وبذلك، فإن STC لا تلعب فقط دوراً إقتصادياً في السوق المالية، بل تلعب أيضاً دوراً وطنياً في عملية التحول الشامل للمملكة.
مزايا الاستثمار طويل الأمد في STC
تتمتع شركة STC بمجموعة من المزايا الفريدة التي تجعل سهمها من الخيارات المُثلى للاستثمار طويل الأمد (Long-Term Investment). أولى هذه المزايا هي الاستقرار الكبير في العوائد والأرباح؛ فالشركة حافظت لسنوات على سياسة توزيع أرباح منتظمة (Quarterly Dividends)، مع نسبة توزيع مرتفعة بلغت نحو 76% من صافي الأرباح، ما يوفر مصدر دخل ثابتاً للمستثمرين الذين يفضلون العوائد الدورية.
الميزة الثانية تكمن في قوة المركز المالي (Strong Financial Position)؛ حيث تتمتع STC بنسبة منخفضة من الديون، ومستوى سيولة عالٍ، وهو ما يعزز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتوفير التمويل الذاتي لخطط التوسع، دون الحاجة إلى الاقتراض المكلف. وهذا الاستقرار المالي يجعلها من الشركات ذات المخاطر التشغيلية المنخفضة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض مستوى المخاطر التشغيلية (Operational Risk) يعزز من جاذبية السهم، نظراً لتنوع مصادر الدخل بين الاتصالات، والحوسبة السحابية، والخدمات الرقمية، والخدمات المالية (مثل STC Pay). هذا التنوع يقلل من الاعتماد على مصدر دخل واحد، ويمنح الشركة مرونة في التكيف مع التغيرات الاقتصادية.
أخيراً، فإن التوسع الإقليمي والدولي (Regional and Global Expansion) يمثل فرصة كبيرة لنمو السهم على المدى الطويل. فالشركة تستثمر في عدد من الأسواق المجاورة، وتُطلق خدمات جديدة مثل البنوك الرقمية والحوسبة السحابية، مما يزيد من احتمالات نمو الإيرادات، ويرسخ مكانة STC كمزود تقني متكامل وليس فقط شركة اتصالات.
المخاطر المحتملة للاستثمار في STC
رغم المزايا العديدة، لا يخلو الاستثمار في STC من بعض المخاطر المحتملة (Potential Risks) التي يجب أخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ القرار الاستثماري. أولى هذه المخاطر هي شدة المنافسة في قطاع الاتصالات (Intense Competition)، حيث تواجه STC تحديات كبيرة من الشركات المنافسة مثل موبايلي وزين، إضافة إلى المنافسة غير المباشرة من الشركات العالمية التي تقدم حلول اتصالات رقمية وبديلة.
ثانياً، يواجه قطاع الاتصالات تحدياً مستمراً في التطور التقني السريع (Technological Disruption)، مما يفرض على STC ضغوطاً للاستثمار المستمر في تحديث البنية التحتية، وتقديم حلول مبتكرة تُواكب تطلعات المستخدمين، خاصة في ظل تسارع اعتماد الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وخدمات الجيل الخامس. كما أن القرارات الحكومية والتنظيمية (Regulatory Changes) تُشكل عنصر مخاطرة مهم، حيث أن أية تغييرات في الرسوم التنظيمية، أو تراخيص الترددات، أو سياسات التوسع في الخدمات المالية، قد تؤثر على هوامش الربح و القدرة التنافسية للشركة.
آراء المحللين والمؤسسات الاستثمارية
تحظى STC بثقة عالية من قبل بيوت الخبرة المحلية والعالمية، حيث تُصنف غالبية المؤسسات المالية سهم STC بتوصية “شراء” أو “احتفاظ” (Buy/Hold)، مدعومة بالأداء المالي القوي والتوزيعات المستقرة. وفقًا لبيانات Investing.com وMarketScreener، فإن متوسط السعر المستهدف (Target Price) من قبل المحللين يتراوح بين 46 إلى 48.5 ريال سعودي، وهو ما يشير إلى وجود هامش صعودي بنسبة تتراوح بين 10% إلى 14% من السعر الحالي.
أما المؤسسات المالية الكبرى مثل HSBC، Morgan Stanley، FAB، فإنها تعتبر STC من الأسهم الدفاعية (Defensive Stocks) التي يُوصى بها في المحافظ طويلة الأجل، خاصة في أوقات تقلبات السوق. كما أن المؤسسات المحلية مثل الأهلي كابيتال والراجحي المالية تصدر تقارير إيجابية بانتظام حول السهم، مما يدل على قوة ثقة السوق المحلية في استمرارية نمو الشركة.
خلاصة: هل سهم STC مناسب للاستثمار طويل الأجل؟
في ضوء جميع العوامل المذكورة، يمكن القول إن سهم STC يُعد من الخيارات المثالية للمستثمر طويل الأجل الباحث عن استقرار، توزيعات نقدية منتظمة، ونمو متدرج مدعوم بتوسع فعلي في قطاعات التقنية والخدمات الرقمية. تتلخص نقاط القوة في الأداء المالي القوي، التوزيعات المنتظمة، النمو الاستراتيجي، وقوة المركز المالي. أما نقاط الضعف أو المخاطر، فتتمثل في المنافسة الشديدة والتطور التقني المتسارع.
المستثمر الأنسب لهذا السهم هو من يبحث عن مزيج بين العوائد الدورية والنمو المعتدل (Balanced Investor)، سواء كان فرداً محافظاً أو مؤسسة مالية تهدف إلى استقرار العوائد ضمن محفظة متنوعة. وعليه، فإن التوصية النهائية هي “شراء واحتفاظ” (Buy & Hold)، خاصة عند مستويات السعر القريبة من مناطق الدعم الفني.