المدونة

هل تداول العملات الرقمية في سلطنة عمان قانوني؟

هل تداول العملات الرقمية في سلطنة عمان قانوني؟

شهدت العملات الرقمية – مثل بيتكوين وإيثيريوم – انتشاراً واسعاً في العالم، وتحولت من مجرد تجربة تقنية إلى أصول مالية يتم تداولها واستثمارها على نطاق واسع. ومع هذا النمو، يزداد الفضول في الدول العربية، ومنها سلطنة عُمان، حول مدى قانونية تداول هذه العملات.

فهل يُسمح بتداول العملات الرقمية في عمان؟ وهل يمكن شراء وبيع وتخزين هذه العملات دون مخالفة القانون؟ هذا المقال يجيب عن هذه الأسئلة، ويقدم نظرة شاملة على الوضع القانوني والتنظيمي للعملات الرقمية في سلطنة عمان، مع تسليط الضوء على التحذيرات الرسمية، والفرص، والمخاطر.

الموقف الرسمي لسلطنة عمان من العملات الرقمية

حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم تعترف الحكومة العُمانية رسمياً بالعملات الرقمية كعملة قانونية أو وسيلة للدفع.

لكن هذا لا يعني أنها محظورة بالكامل. إذ أن السلطات لم تُصدر قانوناً صريحاً يجرّم تداول العملات الرقمية، بل اكتفت بإصدار تحذيرات للمستثمرين من المخاطر المرتبطة بها.

وبالتالي، يُمكن القول إن تداول العملات الرقمية في سلطنة عمان مسموح به بشكل غير رسمي، على مسؤولية المتداول نفسه، مع غياب تشريع ينظمه أو يحميه.

تحذيرات البنك المركزي العُماني وهيئة سوق المال

أصدر البنك المركزي العُماني في عدة مناسبات تحذيرات توعوية بشأن التعامل مع العملات الرقمية، وأكد أنها لا تُعتبر عملة قانونية في السلطنة، وأن الجهات التنظيمية لا تضمن سلامة التعاملات أو تعوض الخسائر الناتجة عن التداول بها.

كذلك، حذرت الهيئة العامة لسوق المال من المنصات غير المرخصة التي توهم المستخدمين بالربح السريع، مشيرة إلى خطورة المضاربة في أصول غير مستقرة مثل العملات الرقمية.

هذه التحذيرات لا تعني الحظر، بل تهدف إلى تحفيز الوعي الذاتي والمسؤولية المالية لدى المستثمرين.

هل يمكن فتح حساب في منصات تداول العملات الرقمية من عُمان؟

نعم، يمكن لأي شخص مقيم في سلطنة عمان فتح حساب في منصات عالمية لتداول العملات الرقمية، مثل:

  • Binance
  • Kraken
  • Coinbase
  • OKX
  • Bybit

لكن يجب الانتباه إلى أن بعض هذه المنصات قد تقيد الوصول أو تتطلب إجراءات تحقق صارمة (KYC) بناءً على موقع المستخدم.

ولتفادي أي مشاكل، يُنصح باستخدام شبكات إنترنت آمنة، وحسابات بنكية واضحة المصدر، والابتعاد عن التداول بمبالغ ضخمة دون خبرة كافية.

هل توجد منصات مرخصة لتداول العملات الرقمية في عُمان؟

حتى الآن، لا توجد منصة مرخصة محلياً في سلطنة عمان تتيح شراء أو بيع العملات الرقمية بشكل رسمي تحت رقابة حكومية.

لكن هناك إشارات بأن السلطات تدرس تنظيم قطاع الأصول الرقمية، على غرار ما فعلته دول خليجية أخرى مثل البحرين والإمارات.

في عام 2022، كشفت هيئة سوق المال أنها بصدد إعداد إطار تنظيمي لتداول الأصول الرقمية، وهو ما يعني أن التنظيم قادم، وربما سنشهد قريباً ظهور منصات محلية مرخصة تعمل تحت رقابة عُمانية رسمية.

ما هي المخاطر القانونية المرتبطة بتداول العملات الرقمية في عمان؟

رغم غياب الحظر، إلا أن هناك عددًا من المخاطر القانونية والمالية التي يجب أخذها في الحسبان:

  • لا توجد جهة رسمية تحميك في حال فقدت أموالك بسبب اختراق أو احتيال
  • التعامل مع منصات خارجية يُعرّضك لخطر التقييدات أو تجميد الحساب
  • الأرباح من التداول قد تُثير تساؤلات من البنوك عند السحب دون توثيق
  • النشاطات المتعلقة بجمع الأموال أو إدارة محافظ الغير دون ترخيص تعتبر مخالفة للقانون

لذلك، يجب أن يكون المتداول واعياً لهذه المخاطر، وأن يعتمد على المنصات المعروفة ويبتعد عن الوعود الكاذبة للربح السريع.

هل يُفرض أي نوع من الضرائب على أرباح العملات الرقمية؟

حتى الآن، لا تفرض سلطنة عمان أي نوع من الضرائب على دخل الأفراد، بما في ذلك أرباح تداول العملات الرقمية.

هذا يعني أن أي أرباح تحققها من التداول في بيتكوين أو غيرها من الأصول الرقمية غير خاضعة للضريبة، طالما أنك تتداول لحسابك الشخصي.

لكن من المهم الانتباه إلى أن اللوائح قد تتغير مستقبلاً، وخاصة إذا تم تنظيم القطاع رسميًا، ما قد يؤدي إلى فرض رسوم أو ضرائب بسيطة في حال اعتماد قوانين جديدة.

هل العملات الرقمية حلال أم حرام؟ موقف الشريعة في عمان

لم تصدر سلطنة عمان فتوى رسمية قاطعة من جهة حكومية عليا بشأن حكم العملات الرقمية، لكن بعض علماء الدين في السلطنة حذروا من تداولها بسبب الغرر والمخاطرة العالية.

ومع ذلك، هناك رأي متزايد في العالم الإسلامي يميل إلى أن تداول العملات الرقمية جائز بضوابط، خاصة إذا كان الهدف منه الاستثمار وليس المضاربة أو الاحتيال.

بالتالي، القرار في النهاية يعود للمتداول نفسه، بناءً على ما يطمئن له قلبه بعد الاستشارة الشرعية.

الخاتمة

في الختام، يمكن القول إن تداول العملات الرقمية في سلطنة عُمان يُعد نشاطاً مسموحاً به بحذر، إذ لم يصدر أي قانون رسمي يجرّمه، لكنه أيضاً لا يتم تنظيمه بشكل واضح أو ترخيصه من قبل الهيئات الرسمية حتى الآن. وهذا يضع المتداول أمام مسؤولية فردية كاملة تجاه قراراته الاستثمارية، سواء من حيث اختيار المنصة المناسبة أو من حيث حماية أمواله من المخاطر المحتملة، مثل الاحتيال أو الاختراق. ومع أن غياب الضرائب على الأرباح يمثل ميزة جذابة، فإن نقص التشريعات التنظيمية يجعل من الضروري أن يكون المستثمر واعياً، دقيقاً، ويتابع عن كثب كل المستجدات التنظيمية التي قد تصدر لاحقاً. فالفرص في سوق العملات الرقمية موجودة، لكنها لا تصلح إلا لمن يُديرها بعقلية متزنة ومعرفة قانونية واستثمارية كافية.

Picture of آية عبد الحي

آية عبد الحي

كاتبة متخصصة في الشؤون الاقتصادية والاستثمار، تتميز بأسلوبها المبسط في توصيل المفاهيم المالية المعقدة إلى القارئ العربي. تركز آيه في مقالاتها على تمكين المبتدئين من فهم عالم المال والتداول، وتقدم تحليلات دقيقة مدعومة بالمصادر والبيانات الحديثة.

شارك المقال لتعم الفائدة

مواضيع ذات علاقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: محتوى محمي. النسخ ممنوع.